الثلاثاء, 5 نوفمبر 2024 | 11:26 مساءً

أكرم تيناوى: القطاع المصرفى.. الداعم الرئيسى للاقتصـاد القومى

شخصية قيادية طموحة لا يعرف الانهزام أو الاستسلام لها طريقًا، يتحدى أى ظروف ويعمل فى أحلك الأوقات، يعبر الأزمات بقلب من حديد، يؤسس نهجًا وسياسة لا يحيد عنها، يساعد الصغير قبل الكبير ويشارك موظفيه فى كل تفصيلة، تقلد عدة مناصب بالجهاز المصرفى أكسبته خبرات عظيمة فى هذا القطاع – إنه أكرم تيناوى.. الرئيس التنفيذى لبنك المؤسسة المصرفية – ABC.
بدأ حياته الدراسية فى مدارس فرنسية وانتقل إلى الحياة الجامعية بالجامعة الأمريكية – حصل على بكالوريوس إدارة الأعمال عام 1988 ولم يكن يتوقع أن يبدأ حياته العملية بالجهاز المصرفى الذى كانت بداياته طريفة معه، حيث قام بعمل بحث عن الـ «Automation» خلال عامه الدراسى الأخير بالجامعة واجرى هذا البحث على عدة بنوك ومن ضمنها البنك المصرى الأمريكى.

 

ثم طُلب منه نسخة من البحث من جانب البنك المصرى الأمريكى وفوجئ فى هذا التوقيت بعرض العمل عليه من جانب مسئولى البنك وظل به حتى عام 1991 وبعدها انتقل إلى بنك أوف أمريكا بصحبة السيد طارق عامر محافظ البنك المركزى حاليًا والسيد جمال نجم نائب المحافظ ويحيى أبو الفتوح وأشرف القاضى وطارق قنديل إلى أن تم إغلاق بنك أوف أمريكا عام 1994، ثم حصل على دورة تدريبية عن الائتمان بالولايات المتحدة الأمريكية.
ثم مر بمرحلة جديدة للعمل بسيتى بنك ومضى به 10 سنوات منذ عام 1994 وحتى 2004 إلى أن رحل للعمل ببنك باركليز كعضو مجلس إدارة تنفيذى من 2004 وحتى 2010 إلى أن شغل منصبه الحالى ببنك المؤسسة العربية المصرفية ABC كأصغر رئيس تنفيذى لبنك فى مصر بنهاية عام 2010، ولم يكن يعلم بما هو قادم لمصر بعد قيام ثورة 25 يناير أى بعد توليه البنك بعدة شهور، إلا أنه استطاع أن يعبر المحنة وانتهج نظرية «إن الناس الأذكياء سيغتنمون فرصة وسط الأزمات» وآمن بها وعمل عليها حتى استطاع تحقيق أرباح للبنك تُقدر بـ 250 مليون جنيه خلال 6 سنوات فقط بعد أن كانت أرباح البنك لا تتعدى الـ 22 مليون جنيه، واستطاع تحقيق ذلك رُغم أصعب الظروف التى واجهت الاقتصاد المصرى ككل.
وللتعرف أكثر عن كل ما يخص البنك والقطاع المصرفى والاقتصاد بشكل عام، كان لنا هذا الحوار الشيق مع سيادته.. وإلى نص الحوار…

 

أولا.. لقد توليت مهام عملك فى ظل ظروف صعبة للغاية مرت على الاقتصاد المصرى بشكل عام وعلى القطاع المصرفى بشكل خاص.. كيف واجهت هذه الظروف وعبرت بالبنك إلى بر الأمان؟
فى البداية يجب أن أوضح أننى توليت هذه المسئولية قبل قيام ثورة يناير 2011 بشهرين فقط، وكان أمامى الكثير من التحديات لمواجهة هذه الأزمة التى عصفت بالاقتصاد المصرى ككل والبنك بشكل خاص، فبدأت فى اتخاذ بعض الإجراءات الترشيدية من خلال تقليل جميع النفقات فيما عدا الخاصة بالموظفين والعملاء واستثمرت فى التدريب فى وقت لم يكن أحد ينظر إلى هذا المجال، ولكن كان لدى قناعة ونظرة مستقبلية بأن التدريب سيكون قطاعًا واعدًا خلال السنوات التالية.
قمت بعمل جولات للفروع للإنصات فقط وتكوين صورة عن كل ما يخص البنك و قررت اعطاء فرصة للجميع حتى يقرر كل موظف مصيره سواء بالبقاء أو البحث عن فرصة بديلة، واستثمرت فى الموارد البشرية، وأعتبر أن هذا الاستثمار هو أكبر استثمار قمت به، حيث عملت على تكوين آلية يعمل بها كل من فى البنك سواء كنت موجود كرئيس للبنك أو غير موجود فأصبح العمل هناك يسير مثل مجموعة من التروس مكملة لبعضها البعض وحينها قررت العمل على سياسة واحدة يعرفها جميع العاملين (100 / 100) أى 100 مليون أرباح و100 ألف عميل.
حدثنا عن صافى أرباح البنك وعدد الموظفين وإجمالى عدد الفروع؟
بعد اتخاذ عدة إجراءات وتصحيح المسار للبنك بعد أن كان يحقق 22 مليون جنيه فقط، استطعنا الوصول بأرباح البنك إلى 256 مليون جنيه خلال العام المنتهى، وارتفع عدد الموظفين من 450 موظفا إلى 650 موظفا، كما نمتلك 28 فرعا منتشرة فى كل محافظات مصر ولن نُزيد عدد الفروع إلا بعد تحقيق المستهدف بوصول كل فرع إلى 10 آلاف عميل وقمنا مؤخرًا بنقل المقر الرئيسى للبنك من الزمالك إلى المقر الجديد بالقاهرة الجديدة بعد أن شيدنا مبنى عملاقا بموقع متميز على مدار 6 أعوام بتكلفة 500 مليون جنيه، وأضفنا للبنك خلال الأدوار «الرابع والخامس والسادس» حائطا شجريا مغلقا بزجاج ووضعنا عددا كبيرا من العصافير لإضفاء نوع من البهجة والطاقة الإيجابية للموظفين حتى أذكر أن يوم الافتتاح للفرع طلب منى السيد محمد الأتربى أن أساعده لإقامة نموذج مشابه بالفرع الرئيسى لبنك مصر.

 

 

كيف يواكب البنك التطور التكنولوجى بالقطاع المصرفى.. وهل تتوسعون من خلال افتتاح الفروع البنكية الإلكترونية؟
مؤخرًا كان هناك اجتماع مع الجانب البحرينى وكان بحضور السيد طارق عامر محافظ البنك المركزى والسيدة لبنى هلال نائب المحافظ، حيث يمتلك البحرين أكبر ديجيتال بنك هناك يسمى «إلى» وبحضور كبرى الشخصيات فى هذا المجال التكنولوجى لمناقشة طرق الاستفادة من هذه القامات فى هذا المجال، ونحن كبنك ABC هدفنا هو نقل الخبرات إلى الدول الأخرى وبالفعل نحن نسير وفق هذا التطور لإقامة فروع بنكية متطورة خلال فترة قريبة ونسير وفق خطة معينة لنشر ثقافة الشمول المالى، حيث لا زالت هذه الثقافة غير منتشرة بشكل واسع ويرجع ذلك إلى عاداتنا القديمة بالاحتفاظ بالأموال فى العقار أو الاستثمار فى الماشية أفضل من وضعها بالبنك.
ما هى رؤيتكم حول الشمول المالى .. وإلى أين وصلنا فى هذا الملف الهام؟ وما الطرق التثقيفية لنشر هذه الثقافة؟
الفكرة من الشمول المالى هى تبسيط التجربة المصرفية للمواطن المصرى البسيط حيث تعتمد الخدمات التكنولوجية الآن على الفئة العمرية للشباب بنسبة كبيرة جدًا، والهدف هو الوصول لكافة الفئات العمرية وأرى أن أكبر نجاح للشمول المالى هو إدخال الاقتصاد الموازى فى الاقتصاد الرسمى، وإذا قمنا بذلك نستطيع تحقيق طفرة فى الناتج المحلى للدولة لأن من قام بمساندة الدولة فى وقت الثورة كان هذا القطاع.
وكذا أؤمن بأن الإعلام له دور كبير جدا فى التوعية بالشمول المالى فلا يقتصر الأمر على حضور المؤتمرات والندوات فقط، فلا بد من أن تكون حملة الترويج للشمول المالى أكبر من ذلك والنزول للمواطن فى الشارع، فنحن نعتمد فى سياستنا على تمويل قطاع المشروعات الصغيرة والمتوسطة والوصول لجميع الفئات بالطرق الإلكترونية ونقوم بدورنا فى التوعية لعدد كبير من الشباب والنزول إلى الجامعات والنوادى لنشر ثقافة الشمول المالى.
كم تبلغ محفظة قروض المشروعات الصغيرة والمتوسطة من إجمالى محفظة البنك.. وهل يساهم البنك فى المبادرات التى أطلقها البنك المركزى مؤخرًا؟
محفظة قروض المشروعات الصغيرة والمتوسطة بالبنك أقل من 10 % من إجمالى محفظة البنك ومن المستهدف الوصول إلى النسبة المقررة الـ 20 % بنهاية العام الجارى، مع العلم بأن نسبة محفظة المشروعات الصغيرة والمتوسطة ضعيفة بمعظم البنوك فى مصر لحداثة هذا القطاع بالبنوك المصرية وعدم وجود كوادر تمتلك خبرات فى هذا الشأن، إضافة إلى أنه هناك مخاطرة كبيرة لذلك استغرقنا عامين للقيام بالبنية التحتية لهذا القطاع.
ومن دورنا التكميلى تحت مظلة البنك المركزى المصرى، نساهم بالجانب الأكبر من مبادرات البنك المركزى التى أطلقها مؤخرا.
ما هو الدور الذى يقع على عاتق البنوك فى تمويل المشروعات القومية ودعم الاقتصاد القومى وتحقيق التنميه المستدامة؟ وكم تتوقع نسبة نمو فى الاقتصاد القومى خلال الفترة القادمة؟
لا بد من الاعتراف بوضوح بأن القطاع المصرفى هو من ساند الاقتصاد المصرى فى أوقات الأزمات بداية من ثورة يناير وحتى الوصول إلى دعم الاحتياطى الأجنبى فكان قطاعا صلبا وداعما للاقتصاد المصرى والدليل على ذلك أن الدور الذى قام به هذا القطاع خلال الثورة يُدرس حاليا بجامعة هارفارد بزنس سكول فى أمريكا «أكبر جامعة فى العالم» على إدارة الأزمات فى القطاع المصرفى المصرى، ونحن جاهزون لدعم الاقتصاد عن طريق تمويل المشروعات القومية والاستراتيجية ودعم الأفراد والمشروعات الصغيرة والمتوسطة والتمويل العقارى، فهناك رغبة فى التمويل يقابلها توافر سيولة، وخلال الفترة القادمة ستدخل مشاريع كثيرة خاصة فى قطاع الغاز والبترول وكذا القطاع الصناعى بشكل عام ومواد البناء، وسيكون لنا دور كبير جدا فى دعم تلك القطاعات، ولكن لا بد أن تكون الرغبة لدى القطاع الصناعى فى النمو والتصدير أكثر من ذلك بكثير، فالاقتصاد حاليا يتم دفعه بقوة والدليل على ذلك انخفاض نسبة البطالة إلى 9 % بدلا من 14% وعجز الموازنة وصل إلى 8.4% بعد أن كان يسجل أكثر من ذلك وانخفض معدل التضخم إلى 8% وارتفع الاحتياطى الأجنبى إلى 44 مليارا و300 مليون دولار فى وقت تم دفع ديون خارجية بقيمة 406 مليون دولار ومع ذلك يتجه الاقتصاد المصرى إلى النمو المتسارع.
كما انخفض سعر الصرف حاليا فى ظل آراء كانت تتوقع ارتفاعه إلى 22 و23 جنيها، وأتوقع أن ينخفض الدولار إلى 16 جنيها بنهاية العام نتيجة انكماش الاستيراد والاقتصار على السلع الأساسية فقط واكتشاف الكثير من آبار الغاز والبترول وزيادة الصادرات ودعم قطاع السياحة والوصول إلى 15 مليون سائح وهو رقم كبير لم نشهده حتى من قبل الثورة بالإضافة إلى تحقيق قناة السويس لمعدلات أكبر وكذا تحويلات المصريين بالخارج مع العلم بأن كثيرا من المصريين قاموا بعمل ودائع دولارية وبزيادة سريعة ولكن لم يكن التوفيق حليفهم، لذلك أرى أن من استثمر فى الشهادات المصرية لم يدخل فى هذه المخاطرة، والدولار أصبح متوفرا حاليا ولكن لازال الكثير ينتظر انخفاضه أكثر، وأتوقع أن ينمو الاقتصاد القومى بنسبة 6%.
هل ترى أن قرار التعويم جاء فى وقت مناسب.. وهل حقق القرار الدور المستهدف تحقيقه؟
أرى أن قرار التعويم وبداية الإصلاح الاقتصادى كان قرارًا جريئا جدا وحدث فى وقت مناسب، رغم معارضة الكثيرين لهذا القرار فى هذا التوقيت إلا أنه حقق الدور المرجو منه، وأرى أن وجهة نظر السيد طارق عامر كانت صائبة حينها وقناعته بأن هذا القرار هو الحل الأمثل للخروج من الأزمة ولذلك قرر تحمل عقبات هذا القرار، والوصول إلى بر الأمان وبالفعل نجح فى ذلك ونرى الآن تبعات ذلك القرار فى مؤشراتنا المالية حيث وصلنا إلى أعلى معدل نمو فى إفريقيا والشرق الأوسط.
ماهو السعر المثالى للدولار أمام الجنيه المصرى ليكون مفيدًا للاقتصاد فى نفس الوقت؟ وهل الودائع المصرية بالجنيه المصرى ستحظى بنصيب الأسد خلال الفترة المقبلة؟
لا بد من الحفاظ على سعر متوازن للدولار حتى لا يتأثر المستثمرالحالى خاصة أن استثمارات الأجانب فى البورصة بلغت 16 مليار دولار ومعظمها صناديق وأيضا حتى لا تتأثر حركة السياحة بانخفاض الدولار، فأرى أن السعر المثالى هو 17.25 حتى لا يؤثر على الاقتصاد وأرى أن الفترة القادمة ستشهد طفرة فى نمو الودائع بالجنيه المصرى سواء تم تخفيض الفائدة من خلال البنك المركزى أو تثبيتها.
وأذكر أن فى شهر يونيو 2016 كان حجم الودائع بالجنيه المصرى تريليون و100 مليار ووصل حجم الودائع فى 30 يونيو 2019 إلى 2 تريليون و100 مليار، أى تريليون زيادة فى الودائع خلال ثلاث سنوات ولازال هناك نسبة دولارية مرتفعة فى محفظة الودائع وأتوقع أن أى إيداعات جديدة سيتم استثمارها بالودائع المصرية بالجنيه المصرى خلال الفترة القادمة، لذلك كان التعويم قرارًا قاسيا ولكن أعقبه انفراجة.
وأنوه بأنه لا بد من توظيف القروض بشكل جيد والوصول به إلى 60% كحد أدنى والعمل على جذب كثير من الاستثمارات الأجنبية، وزيادة النمو الاقتصادى وخلق فرص عمل أكثر عن طريق الاستثمار الأجنبى وأرى أن هناك حالة ترقب من المستثمرين الأجانب انتظارا لاستقرار سعر الدولار.
ما هى مرتبة فرع البنك بمصر بالنسبة للمجموعة الأم فى البحرين.. وكيف تنظر المجموعة إلى السوق المصرفى المصرى؟
يحتل المركز بمصر مرتبة متقدمة لدى المجموعة الأم وتعتبر الدولة المحورية الواعدة فى الشرق الأوسط، حيث تمتلك أعلى نسبة نمو بأفريقيا والشرق الأوسط ولديهم ثقة كاملة فى الاقتصاد المصرى، ولذلك قامت باستثمار أكثر من 140 مليون فى 2012 وهناك نية لزيادة رأس المال حوالى 5 مليارات لذلك فالنظر إلى مصر هى نظرة تفاؤلية واقتصاد واعد وقوى.
ما هو الدور المنوط به اتحاد بنوك مصر؟ وما أهم الملفات التى تعملون عليها مستقبلا؟
اتحاد البنوك هو همزة الوصل بين القطاع المصرفى والبنك المركزى وكذا التنسيق مع الجهات الحكومية والقيام بعدة أنشطة ومنها دورات تدريبية للشمول المالى وكذا القيام بالتحديث على الموقع الإلكترونى للاتحاد لتقديم أفضل الخدمات الممكنة والمتاحة التى تقدمها البنوك، واهم الملفات التى يعمل عليها الاتحاد خلال الفترة القادمة هى الشمول المالى واستكمال ملف العشوائيات.

التعليقات مغلقة.