الثلاثاء, 5 نوفمبر 2024 | 11:20 مساءً

ارتفاع سعر الدولار مقابل الليرة اللبنانية يضع الأقتصاد في مأزق مع تداعيات فيروس كورونا

  • اكثر ما يشغل بال اللبنانيين اليوم، بالاضافة الى هاجس فيروس كورونا، هو الوضع الاقتصادي الصعب الذي نعيشه جراء الارتفاع الجنوني للاسعار بسبب ارتفاع سعر الدولار مقابل الليرة اللبنانية، ما ادى الى تراجع القدرة الشرائية، بالاضافة الى عدم معرفة مصير الاموال المودعة في المصارف.

ما يزيد الطين بلة، هو الحديث عن رفع الدعم عن السلع الاساسية من دواء وقمح ومحروقات، وهذا سيكون الضربة القاضية على ما تبقى من قدرة لدى المواطن، إذ سترتفع الاسعار ثلاثة أضعاف ما هي عليه، فلن يتمكن المواطن من معالجة أمراضه، لأنه سيعجز عن شراء الادوية، ولن يستطيع تأمين الخبز لعائلته التي هي أبسط أمور الحياة، كما لن يعود بإمكانه شراء البنزين إذ قد تصل الصفيحة الى حدود السبعين الف ليرة، وهذا كله سيؤدي ليس فقط الى انعدام القدرة الشرائية لدى المواطنين بل إلى شلل تام في حياتهم بل الى قتل ما تبقى من امل بحياة كريمة.

وكشفت دراسة أعدتها لجنة الأمم المتحدة الاجتماعية والاقتصادية لغرب آسيا (إسكوا) عن تضاعف نسبة الفقراء من سكان لبنان لتصل إلى 55% سنة 2020، بعد أن كانت 28% في 2019، فضلا عن ارتفاع نسبة الذين يعانون الفقر المدقع بـ3 أضعاف من 8 إلى 23% خلال الفترة نفسها. وأشارت الدراسة إلى أن العدد الإجمالي للفقراء من اللبنانيين أصبح يفوق 2.7 مليوني شخص، حسب خط الفقر الأعلى (أي عدد الذين يعيشون على أقل من 14 دولارا في اليوم)، وأن هذا يعني عمليا تآكل الطبقة الوسطى بشكل كبير، وانخفاض نسبة ذوي الدخل المتوسط إلى أقل من 40% من السكان.

وأكدت أن فئة الميسورين ليست بمنأى عن الصدمات، حيث تقلصت إلى ثلث حجمها هي أيضا، من 15% في 2019 إلى 5% في 2020.

ولا بد من الاشارة إلى أن الموضوع الاقتصادي يبقى مربوطا بالموضوع السياسي، لا سيما تشكيل الحكومة التي قد تعمل على ايجاد حلول، وخصوصا اذا نفذت ما تتعهد به من اصلاحات ومحاربة للفساد.

فتوح

للاضاءة على هذه المواضيع، كان لنا حديث مع الأمين العام لاتحاد المصارف العربية وسام فتوح والخبير الاقتصادي نسيب غبريل.

فقد أكد فتوح أن “لا احد يريد رفع الدعم لكنه خيار ممكن”، وأوضح أن “هذا القرار يأتي من الحكومة وليس من مصرف لبنان فهي التي تطلب من البنك المركزي رفع الدعم او تطلب الاستمرار بالدعم، خصوصا على السلع الاساسية للمواطن من سلع غذائية وأدوية وبنزين”.

وأشار الى ان “مصرف لبنان ينبه إلى تضاؤل الاحتياط بالعملة الاجنبية لديه حيث وصل إلى حدود الـ 20 مليار دولار وبالتالي لا يمكنه الاستمرار بالدعم. فمصرف لبنان لا يقول انه لا يريد الاستمرار بالدعم، لكنه يقول لم يعد لديه الاحتياط الكافي خصوصا في ظل عدم تنفيذ الاصلاحات الاقتصادية والسياسية”.

وأكد أن “من أهم الأسباب لرفع الدعم عمليات التهريب، فمصرف لبنان يدعم السلع الاساسية ويتم تهريبها، كالادوية التي يتم تهريبها الى العراق والبنزين الى سوريا”، معتبرا أن “الحل لهذه المشكلة تشكيل حكومة مهما كانت تسميتها، المهم اداؤها السياسي وأن يتعاون الافرقاء السياسيين على تنفيذ الاصلاحات الاقتصادية التي تبدأ بالقطاعات الانتاجية كالاتصالات، بوقف التوظيف العشوائي والهدر والفساد في هذا القطاع والاصلاحات في قطاع الكهرباء الذي يشكل اكبر مكامن الهدر في الدولة اللبنانية بالاضافة الى ضبط الجمارك ومحاربة الفساد و تطبيق قوانين الحوكمة”.

وشدد على “ضرورة أن تشكل هذه الامور الاولوية لدى الحكومة العتيدة و بهذا التوجه باداء حكومة ذات ثقة وبرئيس حكومة ذات ثقة، كالرئيس سعد الحريري، ليس فقط تقوم باصلاحات داخلية واقتصادية ومصرفية وسياسية لا بل ايضا تجذب المجتمع الدولي، فمن ناحية نوفر هدر للاموال من صرف للدولار يمكن تجنبه ومن ناحية اخرى تعطي هذه الاصلاحات الثقة للمجتمع الدولي وبالتالي تبدأ الدول المانحة بدعم لبنان وربما نتوصل مباشرة الى اتفاق مع صندوق النقد الدولي لمنح لبنان القرض الذي لا يؤمن فقط المال بل يؤمن الثقة بغض النظر ما هي قيمة هذا القرض، مكررا أن المهم في هذا الامر هو الثقة التي يمنحها صندوق النقد الدولي الى لبنان تجاه المجتمع الدولي و المستثمرين الاجانب”.

وشدد فتوح على أن “العقدة الاساسية تبقى في الاتفاق بين الافرقاء السياسيين والاحزاب على حكومة يعطونها الثقة لتتمكن من العمل بحرية على ان يحميها القضاء العادل”، لافتا الى “الدور الذي يمكن ان يقوم به اتحاد المصارف العربية بجلب الثقة للقطاع المصرفي من بعد ملاحظة المصارف العربية الفرق بالاصلاحات الاقتصادية”.

وشرح: “الاقتصاد مبني على ركائز ثلاث او قطاعات ثلاث هي الخدمات والزراعة والصناعة وهذه الركائز الثلاث تبني اقتصاد أي دولة، فالولايات المتحدة الاميركية لديها اقتصاد قوي لان لديها خدمات وزراعة وصناعة قوية، اما في لبنان كنا نقدم خدمات مصرفية وكنا نكسب ملايين الدولارات وكانت دول كثيرة تعتمد على لبنان في هذا المجال. للاسف اليوم خسرنا هذا الامر لأنه أصبح هناك عدم ثقة بالقطاع المصرفي اللبناني. ومن ضمن الخدمات أيضا السياحة التي ضربت من جراء عدم الاستقرار السياسي، بالاضافة الى موضوع كورونا حيث اصبحت الخدمات السياحية معدومة تقريبا، اما بالنسبة إلى القطاع الزراعي فللاسف ليس لدينا قطاع زراعي ناشط، فالزراعة هي آلية متكاملة من حصر أراض وري كهرباء وتمويل للمزارع و هي ايضا اطلاع على المستوى المطلوب للتصدير”.

أما عن الصناعة، فأشار إلى انه “لا يوجد لدينا الا صناعات محلية بسيطة، لو كان لدينا مصانع كبيرة تقوم بإنتاج صناعات كبيرة، لكنا بدل ان نضطر لشراء الدولار من الخارج نبيعه الى الخارج”. ولفت الى انه “حتى الدول النفطية تعتمد على قطاع الخدمات”.

واعلن انهم “كاتحاد مصارف عربية، في حال تشكيل حكومة، مستعدون لعقد مؤتمر دولي – عربي في لبنان لجلب المعنيين الاقتصادييين والمصرفييين والمستثمرين الى لبنان من خلال اتصالات الاتحاد العربية الاوروبية الدولية و من خلال علاقتنا المباشرة مع المؤسسات الدولية”.

وقال: “وصلنا الى ما وصلنا اليه بسبب الفساد وعدم الاستقرار السياسي بمفهومه الشامل فعلى الحكومة ان تقول بلدي اولا وتعمل لمصلحة البلد. أما إعادة الثقة فمرهونة بالحكومة والاصلاحات الاقتصادية التي تعطي انطباعا جيدا لصندوق النقد الدولي”.

وتحدث عن “صعوبة عودة سعر الدولار الى 1500 ليرة لبنانية لكن من الممكن ان يستقر على 5000 ليرة”، مشيرا إلى ان “المعضلة تكمن في القدرة الشرائية لليرة اللبنانية

التعليقات مغلقة.