الجمعة, 22 نوفمبر 2024 | 11:06 مساءً

الأمـــن الـــغذائي فــي الوطــن العــربي


يعتبر الأمن الغذائي من التحديات الرئيسية في الوطن العربي، فعلى الرغم من توفّر الموارد الطبيعية من الأرض والمياه والموارد البشرية، فإن الزراعة العربية لم تحقق الزيادة المستهدفة في الإنتاج لمقابلة الطلب على الأغذية، واتسعت الفجوة الغذائية وأصبحت الدول العربية تستورد حوالي نصف احتياجاتها من السلع الغذائية الرئيسية حيث تبلغ فاتورة الغذاء عربيا 110 مليارات دولار سنويا، وهو ما يعادل نسبة 4% من الإنتاج المحلي وفقاً لتقرير منظّمة “أسكوا”. وقد ازداد اهتمام ، الدول العربية بتوفير احتياجاتها من الأغذية في أعقاب الأزمة الغذائية العالمية الحادة التي بلغت ذروتها في عام 2008 وتمثلت في مضاعفة أسعار السلع الغذائية الرئيسية، وتقلص الواردات منها، مما دعا الدول العربية إلى اتخاذ إجراءات استثنائية مثل دعم أسعار الأغذية وتقنين تصدير السلع الغذائية وإلغاء الضرائب على الواردات وزيادة أجور العاملين.
بشكل عام، إن عدم توافر الغذاء بمقادير مناسبة ومستقرة وبطريقة سهلة، يؤدي إلى إهتزاز الاستقرار، ونشوب المشاكل الاقتصادية والاجتماعية والسياسية بصورة أكثر حدة. من جهة أخرى، فإن تحقيق الأمن الغذائي يستلزم بالضرورة تنمية الزراعة والارتقاء بالقطاع الزراعي. فالزراعة هي مصدر الرزق لنحو ٣٥ % من سكان الوطن العربي ، أي نحو أربعة وثمانين مليون نسمة.
I. التطور التاريخي لمفهوم الأمن الغذائي
الأمن الغدائي مفهوم مرن وضعت له العديد من محاولات التعريف، وردت في العديد من الكتابات المنشورة. وكلما كان يتم التعرض لمفهوم الأمن الغدائي، كان من الضرورة أن نطّلع على التطور التاريخي لهذا المفهوم الذي يعكس إقرارًا واسعًا بتعقيدات قضاياه المطروحة على المستوى الإقتصادي و السياسي. لقد نشأ مفهوم الأمن الغذائي في منتصف سبعينيات القرن الماضي أثناء النقاشات التي جرت حيال المشاكل الغذائية الدولية أثناء فترة أزمة الغذاء العالمية، وتطور المفهوم في العقود التالية ليعكس التغيرات في منهج التفكير الرسمي حيال مسألة الأمن الغذائي. وكان التركيز في بادئ الأمر منصبًّا حول مشاكل الإمدادات الغذائية لضمان توافرالمواد الغذائية الأساسية واستقرار أسعارها على المستوى الدولي والوطني إلى حدٍ ما.. فقد نصَّ تقرير مؤتمر الغذاء العالمي للعام 1974 على: “إن توفر إمدادات الغذاء العالمية على الدوام يجعل من المواد الغذائية الأساسية كافيًا للحفاظ على التوسع المطرد في الإستهلاك الغذائي وللتعويض عن التقلبات في الإنتاج والأسعار”. وفي عام 1983 رسَّخ تحليل منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة أهمية الحصول على الغذاء، مما أدى إلى التعريف القائم على التوازن بين العرض والطلب من معادلة الأمن الغذائي، فقد ورد فيه: ” يجب التأكد من أن جميع الناس في جميع الأوقات قادرين على الحصول فعليًا وإقتصاديًا على الأغذية الأساسية التي يحتاجون إليها”. وفي العام 2008 ورد التركيز على المستوى الأسري في تحقيق الأمن الغذائي من قبل وزارة الزراعة الأميركية وقد ورد فيه: ” يتحقق الأمن الغذائي على مستوى الأسرة عندما يتمكن جميع أعضاء الأسرة، في جميع الأوقات، من الحصول على ما يكفي من الغذاء لحياة صحية نشطة”.

II. مكــونات وأبعــاد الأمــن الغــــذائي
ينطوي مفهوم الأمن الغذائي على أربع مكونات رئيسية تم تحديدها من قبل منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة تتمثل بما يلي:
• توافر الغذاء (Availability) : ويعني وجود كمية غذاء تكفي للإنتاج المحلي، مع الإستيراد أو الحصول على المساعدات الغذائية بشكل ثابت.
• الحصول على الغذاءFood Accessibility) ): وتتمثل بوجود موارد مختلفة أو دخل يكفي من أجل الحصول على الغذاء.
• إستخدام الغذاء Food Safety)): ويجب إستخدام الغذاء ومعاملته بالشكل المُلائم، من خلال تخزينه بشكل ملائم، مع التعرّف على الممارسات الخاصة بالتغذية وتطبيقها، والقيام بالخدمات الخاصة بالصحة سواء كانت الصحة البيئية أو الصحة العامة.
• الإستقرار/الثبات) Stability): ويجب أن يتوفر الغذاء في جميع الأوقات، وإن كانت تلك الأوقات خاصة بحالات الطوارئ أو الراجعة.
من أجل تحقيق أهداف الأمن الغذائي، يجب إتمام جميع الأبعاد الأربعة السابقة في وقت واحد.
رسم بياني رقم (1): مكونات الأمن الغذائي

مصدر: منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم
وللمفهوم الأمن الغذائي أبعاد عدة، ومن أبرزها ما يأتي:
• البُعد الأخلاقي: ويتعلق هذا البعد بحالة الإنسان الحالية والمُستقبلية، لأن الغذاء أمر أساسي في حياة الإنسان، لهذا يجب عدم الإضرار بالأمن الغذائي أو بالغذاء، لأن ذلك الإضرار يصل للإنسان ويؤثّر في مُستقبله.
• البُعد الاجتماعي: هو البُعد الذي يتأثر بالعناصر الاجتماعية المُجملة، ومن تلك العناصر التحكّم في زيادة عدد السكان والخصوبة مع التخطيط السُكاني، قياس مدى تطوّر السكان، والحراك الجماعي في المُجتمع.
• البُعد الاقتصادي: ويساعد البُعد الاقتصادي على تأمين الأمن الغذائي، ويكون ذلك من خلال توفّر عدة عناصر منها الموارد الطبيعية، والخدمات، وتطوّر الصناعة، ووجود الاتصالات والمواصلات،
• البُعد السياسي: هو البُعد الذي يشير إلى دور الدولة في الإشراف على السياسات والبرامج الخاصة للأمن الغذائي، مع القيام بالبرامج الخاصة بالتنمية الشاملة بين عدد من القطاعات المختلفة الاجتماعية والاقتصادية، والحرص على تنظيم العلاقة بينها، مع المُحافظة على إستراتيجية الأمن الغذائي وتأمين حياة الأشخاص المُهتمين بها.
III. محــددات الأمــن الغــذائي العــربي: فـــرص وتحـــديات
تعتمد قدرات الدول وإمكاناتها للإنتا ج الزراعي، ومدى ما تحققه في مجال أمنها الغذائي على الرصيد الذي تملكه من الموارد الزراعية الأساسية، وأيضا على معدل ما تبلغه من مستويات الكفاءة في استغلال وتوزيع تلك الموارد بين أوجه استخداماتها البديلة، والتوفيق الأمثل فيما بينها، وبصفة عامة تزخر المنطقة العربية بقدر وافر من الموارد الزراعية الطبيعية التي تتيح لها إمكانية زيادة الإنتاج وتحقيق مستويات أفضل من الأمن الغذائي إذا ما أحسن استخدام تلك الموارد، وتوفر مناخ الاستثمار الزراعي الملائم بما في ذلك الآلية المناسبة لتوفير التمويل اللازم للتنمية الزراعية والأمن الغذائي العربي. وسوف يتم التركيز على الموارد التالية:
 الموارد الزراعية : تختلف الدول العربية من حيث المساحة التي تشغلها الزراعة في كل منها نظرا لعوامل عديدة من بينها الجغرافية والبيئية وتوفر الموارد الطبيعية. تبلغ المساحة الجغرافية للمنطقة العربية نحو 1343 مليون هكتار عام 2018، تمثل مساحة الأراضي الصالحة للزراعة منها حوالي 233.24 مليون هكتار أي بنسبة 17.34 %، والتي يزرع منها فقط 74.12 مليون هكتار بنسبة 31.78% من إجمالي مساحة الأراضي الصالحة للزراعة في الوطن العربي (جدول رقم 1).
جدول رقم 1 المساحة الجغرافية والمزروعة ومساحة الأراضي الصالحة للزراعة بالمنطقة العربية خلال الفترة 2016 – 2018م(
البيان المساحة المزروعة (مليون هكتار) مساحة الأراضي الصالحة للزراعة (مليون هكتار)
2016 2017 2018 2016 2017 2018
المنطقة العربية 65.76 72.86 74.12 232.22 232.76 233.24
المساحة الجغرافية للمنطقة العربية 1,342.72
المصدر: المظمة العربية للتنمية الزراعية، الكتاب السنوي لإلحصاءات الزراعية العربية، 2019م.
يوضح الجدول رقم 2 أن مؤشر نسبة االمساحة المزروعة إلى المساحة الجغرافية على المستوى الوطن العربي قدرت بنحو 5.52 % بينما وصلت إلى نحو 6.32 % على المستوى العالمي عام 2018، نتيجة لوقوع االمنطقة العربية في الأقليم الجاف وشبه الجاف، الأمر الذي يعكس ضرورة تبني سياسة التوسع في إنتاج محاصيل مقاومة للجفاف والحرارة وزيادة الإنتاجية من وحدة المساحة لتتناسب ومعدلات النموالسكاني في المنطقة. كما يبني الجدول ذاته أن مؤشر نسبة المساحة المزروعة إلى المساحة الصالحة للزراعة على مستوى المنطقة العربية قدرت بنحو 31.78% مقابل نحو 77.32% عالميا نتيجة لعدم كفاية المياه اللازمة لزراعة المساحات الصالحة للزراعة غير المستغلة.
جدول رقم 2 النسبة المئوية للمساحة المزروعة من المساحة الجغرافية والصالحة للزراعة على مستوى الدول العربية وإجمالي المنطقة العربية والعالم للعام 2018م (%)
الدولة نسبة المساحة المزروعة
من المساحة الجغرافية للدولة من المساحة الصالحة للزراعة في الدولة
منطقة الخليج العربي السعودية 1.59 19.69
الإمارات 1.00 92.18
البحرين 4.79 73.00
عمان 0.38 81.50
قطر 2.91 50.38
الكويت 0.86 95.80
منطقة الشرق الأوسط الأردن 2.92 29.41
سوريا 30.96 94.24
العراق 7.04 23.56
فلسطين 26.47 51.99
لبنان 26.03 41.54
اليمن 2.57 57.63
منطقة شمال أفريقيا الجزائر 3.62 19.53
جزر القمر 50.11 84.21
جيبوتي 0.06 68.33
السودان 15.86 40.69
الصومال 2.35 3.40
تونس 28.08 92.01
ليبيا 0.77 88.60
مصر 3.96 57.94
المغرب 12.92 70.94
موريتانيا 0.33 8.46
الوطن العربي 5.52 31.78
العالم 32.55 77.32

وعلى الرغم من كبر مساحة المراعي والغابات في الوطن العربي والتي بلغ في مجملها نحو 38,449 مليون هكتار، تمثل حوالي 2,37 %من المساحة الجغرافية للوطن العربي، فإنها تعاني من العديد من المعوقات والتي من أهمها الرعي الجائر، والحرائق، ونقص الموارد المائية، وتحويل بعض أراضي الغابات إلى أراضي زراعية. ويتوقع أن تتفاقم ظاهرة التصحر في الدول العربية وأن تكون لها آثار سلبية في كافة المجاالت االقتصادية واالجتماعية والبيئية مالم يتم وضع الضوابط والآليات لصيانة وحماية التربة والأراضي، وذلك من أجل تهيئة الظروف لأستغلال الموارد المائية التي تتمتع بها المنطقة العربية.
 الموارد المائية: تتصف الموارد المائية في المنطقة العربية بالندرة ، وتتفاقم هذه الندرة على كافة المستويات بمرور الزمن ففي حين تعادل مساحة الوطن العربي 10.8% من مساحة اليابسة فإنه يحتوي على 0.7% فقط من إجمالي المياه السطحية الجارية في العالم، ويتلقى2.1% فقط من إجمالي أمطار اليابسة . يستخدم الجزء الأكبر من المياه في البلدان العربية للري في الزراعة وتتراوح نسبة سحب المياه العذبة للزراعة من الموارد المائية المتجددة في سبع دول عربية (الكويت، والإمارا ت، والسعودية، وليبيا، وقطر، والبحرين، واليمن) بين2075% في الكويت و 169 % في اليمن. وتتراوح النسبة في تسع دول (الأردن، مصر، سلطنة عمان، سوريا، العراق، تونس، فلسطين، الجزائر، والمغرب) بين 99% في الأردن و43% في المغرب. وتتراوح نسبة السحب السنوي في السودان والصومال ولبنان وموريتانيا بين35% و12% . ووفقا لمنظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة، فإن البلدان تكون في حالة حرجة إذا استخدمت أكثرمن 40% من مواردها المتجددة للزراعة.
نظرًا لوقوع المنطقة العربية في المناطق المناخية الجافة وشبه الجافة التي تقل فيها الأمطار، يشير خبراء المنظمة العربية للتنمية الزراعية إلى أن مساحة الأراضي الصحراوية فيها تقدر بحوالي 8.8 مليون كيلومتر مربع. وتمثل مساحة الأراضي المتصحرة في إقليم المغرب العربي حوالي 53.4% من إجمالي تلك المساحة، يليها إقليم الجزيرة العربية بنسية 22.2%، ثم حوض النيل والقرن الإفريقي بنسبة 21.5%، والمشرق العربي بنسبة 2.9%. كما تجدر الإشارة أيضًا إلى تعرض الأراضي الزراعية العربية للتدهور نتيجة الإنجراف والتملح واستنزاف وإجهاد التربة، وإلى توسع العمران على حساب الأراضي الزراعية .وهناك تحديات أخرى تتمثل في شح الموارد المائية وضعف كفاءة الري، وضعف برامج استصلاح الأراضي، وتدهور الأراضي الزراعية، وانخفاض إنتاجية بعض المحاصيل بشكل عام مقارنة بمستوياتها في الدول المتقدمة، وعدم توفير المناخ للإستثمار مما جعل القطاع الزراعي هو الأقل جذبا للاستثمارات، والأضعف مردودًا مقارنة بالقطاعات الأخرى. كما تشمل تلك المعوقات ضعف الإنفاق والاستثمار في البحوث العلمية الزراعية والتوسع العمراني المدني على حساب الرقعة الزراعية، وتفتت الحيازات الزراعية بشكل يعيق الميكنة الزراعية وزيادة الهدر في الإنتاج نتيجة لوسائل غير مناسبة تستخدم في جني وحصاد ونقل المحاصيل وتخزينها وتصنيعها، يضاف إلى ذلك نقص الكوادر البشرية المدربة التي يعول عليها في إدارة التنمية.

 الموارد البشرية: تعتبر الموارد البشرية العنصر الحاكم والفاعل في عملية التنمية، وهي في ذات الوقت غاية التنمية وهدفها النهائي. ومن ثم، فإن أهمية الموارد البشرية لا تتمثل في كمها العددي، وإنما تتجاوزه إلى أبعاد مختلفة تتمثل في خصائصها وسماتها الإقتصادية والإجتماعية والثقافية، ومدى استقرارها وقدرتها على الإنتاج. تقول الخبيرة الدولية جين هاريغان: “بغض النظر عن تلك الهبة الديموغرافية المحتملة، تشير التقديرات إلى أنه بحلول العام 2050 سيزيد عدد سكان المنطقة العربية من 390 مليون نسمة إلى نحو 655 مليون نسمة”.
يوضّح الرسم البياني رقم (2) أدناه زيادة أعداد سكان المنطقة العربية إلى 431.38 مليون نسمة في عام 2020 مقارنة بنحو 412.77 مليون نسمة عام 2017 ، بمعدل نمو قدّر بنحو4.51% بالمنطقة العربية، كما قدّر معدل نمو السكان الريفيين في المنطقة العربية خلال الفترة 2017-2020 بنحو 13.91%. إن زيادة معدل النمو السكاني في المناطق الريفية هو ما يشكل أهم التحديات التي تواجه الجهود التنموية في المنطقة العربية، والمتمثلة في مجالات زيادة الإنتاج الزراعي وإتاحة فرص التشغيل خفضاً للفقر وتحسين معدلات الأمن الغذائي.
رسم بياني رقم (2): عدد السكان الكلي والريفيين بالوطن العربي (مليون نسمة)

وبناء على ما سبق، فإن ارتفاع معدلات النمو السكاني تؤدي إلى ازدياد الطلب على الغذاء وبالتالي ازدياد العجز الغذائي وخاصة إذا كانت هذه الزيادة مصحوبة بتدني زيادة الإنتاج والغلة مقابل النمو الكبير في أعداد السكان، وزيادة الطلب على السلع الغذائية الرئيسية خاصة مع ارتفاع أسعار عدد من السلع في الأسواق العالمية. وهذا التزايد الكبير في النمو السكاني وتعاظم الضغوط على الموارد المحدودة من المياه والأراضي يثير القلق حول مستقبل الأمن الغذائي العربي.

إنطلاقاً مما تقدم، أصبحت تحديات الأمن الغذائي تمثل هاجسا دوليا وشاغلا علميا وعمليا، لما لها من تأثيرات مباشرة على الأوضاع السياسية والإقتصادية، والتي تتزايد مع تصاعد أزمة الغذاء العربية جراء تفشي فيروس كورونا المستجد. حاليًا، تسعى جميع دول العالم العربي إلى تحقيق الاكتفاء الذاتي من السلع الأساسية، خصوصًا أن الأزمة الحاليّة غير مقرونة بوقت محدد لإنتهائها ما يشكل خطرًا على مستقبل الأمن الغذائي العربي.

IV. تداعيــات أزمــة كــورونا على الأمــن الغــذائي العــربي
بذلت الدول العربية مجهودات جبارة في تنويع السلة الغذائية وتأمينها، كما ارتفع الناتج الزراعي في الوطن العربي من 75.2 مليار دولار في 1997 إلى 98 مليار دولار في 2007 وإلى 140.75 مليار دولار في عام 2017. ويعمل بهذا القطاع أيد عاملة تصل إلى 29.76 مليون عامل من مجمل القوى العاملة البالغة 134.85 مليونا حالياً، وتساهم بنسبة 13 % من الإنتاج المحلي في الوطن العربي. وتواجه الدول العربية تحديات كبيرة في موضوع الأمن الغذائي. ومع ظهور فيروس كورونا المستجد أدرك العالم العربي مدى أهمية الأمن الغذائي، بعد أن شهد العالم إغلاقات لمختلف القطاعات الاقتصادية، ومنها سلاسل إمداد الغذاء العالمية، خاصة على صعيد التصنيع الغذائي وإغلاقات الأسواق التي تسببت بالقيود ومنع وسائل النقل سواء الجوية أو البحرية أو البرية ثم القيود على حركة الأفراد التي نتج عنها نقص في الأيدي العاملة المساهمة في الإنتاج الزراعي. حيث تعتمد الدول العربية بشكل أساسي على استيراد حاجاتها الأساسية من المواد الغذائية رغم توفر الموارد الطبيعية من مياه وتربة صالحة للزراعة.
بشكل عام، صدر عن المنظمة العربية للتنمية الزراعية بأن معظم الدول العربية تواجه تحديات متعددة الأوجه والأبعاد إزاء مواجهة تداعيات جائحة كورونا على الأمن الغذائي، ويمكن وضعها في السياقات التالية:
 صعوبة الوصول إلى أسواق البيع بالجملة والتجزئة وأسواق مدخلات الإنتاج نتيجة لسياسات الإغلاق التي اتبعتها الدول عربيا وعالميا والتي فرضتها ضرورة التعاطي مع الظاهرة.
 نقص العمالة نتيجة لتقييد الحركة والآثار السلبية التي سيرتبها ذلك النقص على المساحات المزروعة والإنتاج والحصاد للموسم الحالي والمواسم القادمة محليا وعالميا وخاصة إذا طال أمد الجائحة مما سيترتب عليه نقص في المعروض وارتفاع بالطلب وبالتالي ارتفاع الأسعار محليا وعالميا ويزداد اثر ذلك إذا ما تبنت الدول المصدّرة لسياسات حمائية اغلاقية، وهو ما بدأت دلائله الأولى تلوح في الأفق.
 إنخفاض المخزونات الإستراتيجية للدول، وخاصة إذا ما طال أمد الجائحة نتيجة للسحب الزائد دون تعويض.
 حدوث تأثيرات سلبية على مستويات الفقر بأبعاده المختلفة وزيادة أعداد الفقراء نتيجة للزيادة المتوقعة في أعداد العاطلين عن العمل وانخفاض دخل ذوي الدخل المحدود ممن يعتمدون في العيش على الدخل اليومي في الريف والمدن على حد سواء، وهو ما سيترتب عليه انخفاض قدراتهم على تأمين احتياجاتهم من السلع الغذائية الرئيسية، بالتالي تعرضهم لحالات سوء تغذية وانعدام الأمن الغذائي، حيث تشير بعض التقارير إلى أن أعداد الفقراء في المنطقة العربية سيزيد بأكثر من 8 مليون شخص.
 انخفاض أسعار الطاقة وآثاره المحتملة على قدرة الدول العربية المنتجة للنفط على تأمين احتياجاتها الإستهلاكية بالكفاءة المطلوبة، وخاصة إذا ما ارتفعت اسعار الغذاء إلى مستويات عالية. حيث يشير تقرير لمنظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة والأجهزة الإحصائية العربية أنه في مطلع العام 2020، بلغ متوسط مؤشر منظمة الأغذية والزراعة لأسعار الأغذية 107.8 نقطة أي بارتفاع قدره 14.44% عن مستواه المسجّل في العام 2018 . وفي ظل أوجه عدم اليقين في السوق الناجمة عن كوفيد-19، عادت أسعار السلع الغذائية الأساسية إلى الارتفاع لتحقق أعلى مستويات لها خلال أشهر، وذلك نتيجة انتعاش الطلب على السلع الغذائية إزاء احتمال وجود صعوبات على مستوى الإنتاج جراء نقص اليد العاملة المهاجرة لفترة طويلة على حدٍّ سواء. وعلاوةً على ذلك، أدّت الاختناقات في الموانئ االناجمة عن التدابير المفروضة لاحتواء انتشار فيروس كورونا المستجدّ إلى رفع قيمة مؤشر أسعارالأغذية.
رسم بياني رقم (2): مؤشر أسعار الأغذية في المنطقة العربية

وثمة أمر مهم يتعلق بأوضاع الغذاء في المنطقة العربية، فيشير تقرير منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (2020) إلى تعرض المنطقة العربية على نحو متفاوت لتأثير مرض فيروس كورونا المستجد )كوفيد 19). وفي حين تتحمل معظم الدول الصدمات الأولية على صعيد الإمداد والطلب المرتبطة بمرض فيروس كورونا المستجد )كوفيد 19) ، قد يؤدي ذلك إلى زيادة الركود العالمي وإلى اضطرابات ممتدة في سلسلة الإمداد العالمية والمحلية وآثار خطيرة من حيث الحصول على الغذاء.
صدمات على صعيد الإمداد: نظراً للإنتاج الزراعي المحلي المحدود نسبياً والصادرات الزراعية المحدودة، فإن دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية (الكويت، الإمارات العربية المتحدة، السعودية، عمان، قطر، البحرين) معرضة على نحو محدود على صعيد الامداد بالنسبة للإنتاج المحلي، وتعتمد حماية الإمدادات الغذائية لدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية على الاحتياطي الاستراتيجي والتجارة على الأقل . أما في دول المغرب العربي تختلف درجة التعرض لمخاطر الإمداد اختلافا كبيراً. فتتعرض الجزائر وتونس لمخاطر منخفضة، حيث تصل إلى الحد الأدنى من التعرض للمخاطر من جراء استهلاك المدخلات الوسيطة ورأس المال الثابت وانخفاض الصادرات الزراعية. على الرغم من أن كل من تونس والمغرب لديهما حصص مرتفعة من الصادرات الغذائية من المنتجات المرتفعة القيمة مثل الفواكه والخضروات وزيت الزيتون والتمر، يواجه المغرب مستوى يتراوح من متوسط إلى مرتفع من حيث التعرض للمخاطر بسبب الإنتاج الأكثر كثافة للعمالة والمخاطر المرتبطة بتوافر المدخلات الوسيطة. أما بالنسبة بالنسبة لدول المشرق العربي، تتعرض الأردن وسورية وفلسطين لدرجة مرتفعة من التعرض للمخاطر بينما تواجه العراق ولبنان مستوى يتراوح من منخفض إلى متوسط من التعرض. وبصفتها دولة متأثرة بالنزاعات ، تواجه سورية درجة عالية من التعرض لمخاطر الإمداد. وتواجه العراق، بصادراتها الزراعية المحدودة، مستوى منخفض من التعرض للمخاطر. أما مصر تواجه أدنى مستوى من التعرض لمخاطر الإمداد .حيث نجحت في تأمين المواد الغذائية من خلال الواردات والإنتاج المحلي والاحتياطيات الغذائية من الأغذية الأساسية. بالإضافة إلى ذلك، تزامنت بداية الأزمة مع موسم الحصاد الشتوي حيث من المتوقع جني محصول جيد من القمح.
صدمات على صعيد الطلب: إن دول مجلس التعاون الخليجي، معرضة نسبياً لمخاطر منخفضة إلى منخفضة متوسطة على صعيد الطلب نظراً للاعتمادهم بشكل كبير على استيراد الأغذية وعلى انخفاض حصة الإنفاق على الغذاء في الإنفاق الإجمالي،علما أن متوسط دخل الفرد المرتفع نسبيا في هذه الدول قد يحمي كثير من المواطنين من الصدمات المحتملة على صعيد الطلب . كما أن دعم الغذاء يًعد عامل تثبيت تلقائي. من جهة أخرى، تختلف درجة التعرض للمخاطر على صعيد الطلب بين دول المغرب العربي. حيث تواجه الجزائر مستوى مرتفع من التعرض لمخاطر الطلب بسبب متوسط حصة الفرد المرتفعة نسبياً من الإنفاق على الغذاء والاعتماد المرتفع نسبياً على الواردات الغذائية. وتتعرض المغرب وتونس لمخاطر تتراوح من منخفضة متوسطة إلى منخفضة مع اعتماد أقل نسبيا على الواردات من المواد الغذائية . بينما يواجه العراق والأردن وفلسطين مستوى متوسطاً يقع ضمن الشريحة المرتفعة ومخاطر مرتفعة للتعرض للمخاطر على صعيد الطلب بسبب ارتفاع حصة الواردات. ويتفاقم التعرض للمخاطر في سورية بسبب الأزمة، في حين أن لبنان معرض للخطر بسبب الحصة المرتفعة نسبياً من واردات الغذاء الكلية والأزمة المالية في البلاد . أما مصر فتواجه درجة مرتفعة من التعرض للصدمات على صعيد الطلب، نظراً للاعتماد بشكل كبير على الواردات الغذائية، ونسبة مرتفعة من الإنفاق على المواد الغذائية، وخاصة بالنسبة للفئات المنخفضة الدخل، ومع ارتفاع الفقر الريفي والحضري، اتخذت الحكومة مجموعة من التدابير لتخفيف وطأة الأثر السلبي الناجم عن الأزمة على الأسر المعيشية والأعمال التجارية والقطاعات المصرفية والمالية .
V. سبــل مــواجهة تحــديات أزمــة كــورونا علــى الأمــن الغــذائي
حذر مديرو وكالتين تابعتين للأمم المتحدة ومنظمة التجارة العالمية من خطر حصول “نقص في المواد الغذائية” في السوق العالمية، بسبب الاضطرابات في التجارة الدولية وسلاسل الإمدادات الغذائية جراء تفشي فيروس كورونا. دعت المنظمة العربية للتنمية الزراعية دول العربية لتبني مجموعة الأجراءات والتدابير لتمكينها من تجاوز إنعكاسات الأزمة المتعلقة بإستتباب الأمن الغذائي حاضراً ومستقبلاً سواء على مستوى إتاحة الغذاء أو الوصول إليه أو إنتظام التموين به.
فعلى الأمد القريب، وبالإضافة إلى العمل من أجل زيادة إنتاج الغذاء، فإن متطلبات المرحلة تدعو إلى:
 الإستمرار في تكوين ومراقبة مخزونات غذائية كافية من السلع الإستراتيجية.
 تبسيط إجراءات استيراد الغذاء، سواء على مستوى التخفيف من القيود الإدارية، أو تسهيل التحويلات المصرفية، أو عند الإقتضاء تنظيم عملية استيراد مشتركة لبعض السلع من طرف دولتين فأكثر.
 وضع برامج للحماية االإجتماعية لتأمين حصول المواطنين وبشكل خاص الطبقات الهشة، على الغذاء، ولو تطلب ذلك إعفاء بعض السلع من الرسوم الجمركية وضرائب المبيعات أو تعليقها مؤقتا.
 السعي إلى تبني برامج خاصة بدعم القطاع الزراعي وخاصة صغار المنتجين بما يمكنهم من تجاوز الآثار السالبة للجائحة (Package Stimulus).
 القيام عند الإقتضاء بإتخاذ تدابير حمائية موقتة لحماية المنتجيين في القطاع الزراعي في الدول العربية خاصة على مستوى السلع الإستراتيجية.
 تنفيذ برامج ارشادية من أجل مواجهة هدر الغذاء وتخفيض نسبة الفاقد من الغذاء.

اما على المدى المتوسط، فقد أصبحت العودة إلى مفهوم الاكتفاء الذاتي الغذائي، تطرح نفسها وبإلحاح في ظل تكرار الأزمات التي قد تعيق مسالك التجارة الدولية للغذاء. وفي هذا السياق، فإنه يجدر التذكير بان المنطقة العربية قد مرت بتجربة مماثلة في العام 2008 عندما ارتفعت أسعار السلع الغذائية نتيجة استخدام المنتجات الزراعية في إنتاج الوقود الحيوي وقيام بعض الدول المصدرة للسلع الغذائية الرئيسية بإيقاف تصدير تلك السلع، مما حدى بالمنظمة العربية للتنمية الزراعية حينها إلى إعداد البرنامج الطارئ للأمن الغذائي العربي، والذي يسعى إلى زيادة واستقرار إنتاج الغذاء في الوطن العربي. وتضمن البرنامج ثلاث مكونات رئيسية:
• تحسين مستويات الإنتاجية في الزراعات القائمة.
• استثمار المزيد من الموارد الأرضية بالإستفادة من العوائد المائية لترشيد استخدام مياه الري ومصادر المياه غير التقليدية.
• تكوين المشروعات الإستثمارية المتكاملة والمرتبطة بأنشطة البرنامج.

وقد حقق البرنامج في مرحلته الأولى (2011–2016) نجاحا فاق المخطط له حيث ازدادت المبالغ المستثمرة في القطاع الزراعي العربي عن تلك المتوقعة للبرنامج وبلغت نحو 32 مليار دولار بزيادة مقدارها نحو6 مليار دولار عما كان مخططاَ له، كما ساهم تنفيذ البرنامج في تحقيق انخفاض ملموس للفجوة الغذائية العربية مقارنة مع ما كان عليه الوضع قبل إطلاق البرنامج. وفي ضوء هذه النتائج المشجعة قامت المنظمة بإعداد البرنامج التنفيذي للمرحلة الثانية للبرنامج (2017–2021). وقبل انتهاء المرحلة الثانية للبرنامج وبدء الجائحة استبقت المنظمة الظروف الاستثنائية التي أحدثتها الجائحة وقامت بإعداد مذكرة التي تناولت آفاق ضرورة تطوير البرنامج في مرحلته الثالثة والتركيز على زيادة نسب الاكتفاء الذاتي من المحاصيل الإستراتيجية وخاصة الحبوب والسكر والزيوت إضافة إلى تحويله إلى برنامج دائم للأمن الغذائي العربي.

VI. التـــوصيات الرئيســـية
في حين تشكل أزمة كوفيد- 19 ضغطًا كبيرًا على الاقتصاد والمجتمع، ربما تخلق أيضا فرصًا لتحول النظم الزراعية والغذائية. ينبغي على الدول وضع خطط عمل استراتيجية للأمن الغذائي من أجل إدارة المخاطر الناجمة عن مرض فيروس كورونا المستجد )كوفيد- 19 ( وتخفيف وطأة آثاره على الأمن الغذائي. وفيما يلي توصيات منظمة “الإسكوا” التي يمكن أن تأخذها حكومات الدول العربية في الاعتبار للتعامل مع الآثار الناتجة عن هذه الجائحة:

فيما يتعلق بالإنتاج الزراعي والإنتاجية، على البلدان العربية النظر فيما يلي:

 سيتطلب تطوير قطاع زراعي أكثر استدامة ومرونة سياسات وممارسات تركز على الاستخدام الكفؤ لموارد المياه، وفي الوقت نفسه معالجة قضايا نوعية التربة وتغير المناخ.
 ينبغي أن ينصب التركيز على الاستثمارات والحوافز التي تعزز الزراعة الموجهة نحو السوق والحد الأقصى من الإنتاجية الاقتصادية للمياه المستهلكة.
 يرجح أن يفيد تحسين التقنيات الزراعية واختيار أصناف المحاصيل المقاومة للجفاف والحرارة وتحسين إدارة استخدام المياه الزراعية الغلاّت. وبالرغم من أن التكنولوجيات التي تعزز كفاءة استخدام المياه هامة، لكن ينبغي أن تكون مصممة خصيصاً لسياقات هيدرولوجية وبيئية ومؤسسية محددة.

فيما يتعلق بتجارة الأغذية، ينبغي على البلدان العربية أن تخفف مخاطر العرض والأسعار المرتبطة بتزايد الاعتماد على واردات الأغذية من خلال:

 زيادة الإنتاج الزراعي المحلي حيثما يكون ذلك مجدياً اقتصادياً ومستداماً بيئياً . وعلى ضوء هذه المعايير ، يمكن أن يتضمن ذلك تشجيع إنتاج المحاصيل التي تتمتع البلدان بميزات نسبية طبيعية فيها وعدم تشجيع زراعة المحاصيل ذات القيمة المضافة المتدنية والمحاصيل التي تستخدم المياه بكثافة.
 الاستثمار في بلدان أخرى تزخر بالأراضي والمياه للحصول على إمدادات الأغذية بشكل مباشر.
 خفض تكلفة واردات الأغذية من خلال الاستثمار في البنية التحتية لتخزين الأغذية ونقلها، وتحسبن إدارة ولوجستيات سلسلة الواردات بشكل عام.
 الحدّ من أثر صدمات سوق الأغذية العالمي من خلال تنويع أكبر للشركاء التجاريين. كما أن تنويع مصادر الإمدادات المستوردة يعتبر نهجاً فعّالا للحد من الانكشاف على مخاطر العرض.
 تشغيل صندوق الأمن الغذائي العربي، الذي اقترحته الوكالات الدولية ووكالات الأمم المتحدة المختلفة وجامعة الدول العربية. ويمكن أن يوفر هذا الصندوق الإغاثة أثناء حالات نقص الأغذية أو حالات الطوارئ ويكفل الاستجابة السريعة.
 توسيع نطاق التجارة البينية بين البلدان العربية ، بما في ذلك إزالة التعرفات بين بلدان المنطقة بموجب اتفاق منطقة التجارة الحرة العربية الكبرى.

فيما يتعلق بالحد من فقد الأغذية، ينبغي على البلدان العربية النظر في سياسات تعالج القضايا التالية:

 ينبغي تطوير أساليب جديدة أكفأ للحد من فقد الأغذية وهدرها على امتداد سلسلة إمدادات الأغذية بأكملها من جانب القطاعين الخاص والعام على السواء
 هناك حاجة لتكنولوجيات مناسبة في المراحل المبكرة لسلسلة إمداد الأغذية، بما في ذلك للإنتاج الزراعي والحصاد والتخزين ما بعد الحصاد والمناولة والتجهيز.
 يمكن للهيئات الحكومية وكيانات القطاع الخاص المعنية المشاركة في إدارة لوجستيات الأغذية وبرامج المساعدة الغذائية أن تدعم بشكل فعال الحد من فقد الأغذية وهدرها من خلال معالجة أوجه قصور بنيوية تشمل التعقيد البيروقراطي والضرائب وإعانات الدعم واللوائح التنظيمية.

بينما تنطبق التوصيات المذكورة أعلاه عموماً على المنطقة العربية بأكملها، فإن للخصائص الجغرافية-المناخية والاجتماعية والاقتصادية لفرادى البلدان دور هام في تطبيق تلك التوصيات على المستوى الوطني. وفي حين لن تحتاج بلدان مجلس التعاون الخليجي، مثلاً، إلى التركيز كثيراً على الإنتاجية الزراعية والإنتاج الزراعي، إلاّ التوصيات المتصلة بالتجارة لها أهمية كبيرة بالنسبة لها.
ومن ناحية أخرى، يتعين على البلدان ذات الإمكانيات الزراعية، مثل الجمهورية العربية السورية والسودان والعراق ومصر والمغرب، أن تنظر في اعتماد بعض التوصيات التي سلّط الضوء عليها لزيادة كفاءة وإنتاجية واستدامة موارد الأراضي والمياه. وبالنظر إلى تعقد طبيعة الأمن الغذائي الشامل لعدة قطاعات، يمكن أن تساعد التوصيات في هذا التقرير البلدان في المنطقة العربية على المضي قدماً في مساعيها الرامية إلى تحسين الأمن الغذائي، وفقاً لخطة التنمية المستدامة لعام 2030 ومقاصد أهداف التنمية المستدامة المتعلقة بالأمن الغذائي.

التعليقات مغلقة.