ضمن فعاليات الدورة العاشرة من “قمَّة المعرفة 2025” تناولت جلسة نقاشية رفيعة المستوى دور المعرفة بوصفها قوة دافعة للنمو والتقدم، وإمكانات توظيف البيانات في صياغة السياسات المستقبلية، شاركت في الجلسة معالي الدكتورة حاجا راما تولاي ووري، وزيرة التعليم الفني والعالي في سيراليون، وبيدرو كونسيساو، مدير مكتب تقرير التنمية البشرية ببرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، و الدكتور هاني تركي، رئيس المستشارين التقنيين ومدير مشروع المعرفة بالبرنامج.
وأكد الدكتور هاني تركي على أن مؤشِّرات المعرفة لا تُعد لأجل ترتيب الدول فحسب، بل لتسليط الضوء على أفضل الممارسات ونقل التجارب الناجحة. وأوضح أن سويسرا لم تحصل على المركز الأول إلا في قطاع واحد، إلا أن توازن العمل المعرفي بين القطاعات المختلفة هو ما منحها الريادة، ينما تصدرت الإمارات المركز الأول عربيًا، ما يعكس التزامها بتوظيف المعرفة في دعم التنمية، وأضاف أن معظم الدول العربية تركز على بعض القطاعات المنفصلة فقط، ما يؤدي إلى هدر الوقت والموارد ويشكل تحديات للحكومات والمواطنين.
كما أشار إلى التغير الكبير في البيانات والتحديات المرتبطة بتغطية المؤشِّرات الدولية للتعليم، مما استدعى تحديث المؤشِّر ليشمل عددًا أكبر من الدول ويراعي القطاعات المختلفة مثل التعليم الفني والبحث والتطوير والابتكار، حيث لا تزال بعض هذه القطاعات بحاجة إلى تعزيز ودعم أكبر.
من جانبها أكَّدت معالي الدكتورة حاجا راما تولاي ووري أن التعليم يشكِّل العمود الفقري لبناء المعرفة على جميع المستويات، بدءاً من التعليم الأساسي والثانوي وصولًا إلى التعليم الفني والعالي، وأوضحت أن المعرفة تُبنى من خلال كل مرحلة تعليمية، ويجب تفسيرها وتطبيقها لاتخاذ قرارات فاعلة على المستويات الوطنية والدولية. وشددت على أهمية بحث الجامعات والمؤسَّسات التعليمية، معتبرة أن البحث العلمي هو الوسيلة لتوليد الأدلة التي توجه السياسات، لكنه يجب أن يكون مرتبطًا بالاحتياجات الوطنية وقابلًا للتحويل إلى تطبيقات عملية تعزز التنمية. وأضافت أن الجامعات يجب أن توازن بين التفكير المحلي والعالمي، بحيث تلبي احتياجات المجتمع مع الاستفادة من التجارب العالمية، وتستثمر في نظم مستدامة ومتناسقة لدعم الابتكار وتحويل الأفكار إلى منتجات وحلول عملية.
وأكَّد الدكتور بيدرو كونسيساو أن مؤشِّرات مثل مؤشِّر التنمية البشرية ومؤشِّر المعرفة العالمي تحول المفاهيم المجردة إلى أرقام قابلة للقياس، ما يساعد الدول على فهم أدائها وتحفيز السياسات التنموية. وشرح أن المعرفة تشكل بُعدًا أساسيًا للتنمية البشرية، فهي تمكِّن الأفراد من الإنتاج والتفاعل المجتمعي وتحقيق إمكاناتهم. كما شدد على أهمية دمج البيانات الوطنية مع المؤشِّرات العالمية لتعزيز دقة النتائج، وتمكين الدول من تعلم أفضل الممارسات وتحويل المعرفة إلى ابتكارات تنموية مستدامة.
في ختام الجلسة أكَّد المتحدثون على أن المعرفة تمثِّل أداة أساسية لتحويل السياسات وحل المشكلات وخلق فرص مستدامة، وأن الدول، خاصة النامية، لا تقوم بالاستفادة الكاملة من المعرفة المتاحة لديها، إذ غالبًا ما تكون الجهود مجزأة ومتقطعة، مما يضعف تأثير الاستثمارات البحثية والابتكارية، وشددوا على أن الربط بين توليد المعرفة واستخدامها العملي، مع الاستثمار في التكنولوجيا والابتكار، يمثل الطريق الأمثل لتعزيز الشفافية والكفاءة والقدرة على اتخاذ القرارات المستنيرة على المستوى الوطني والدولي.

التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.