الثلاثاء, 16 سبتمبر 2025 | 7:42 مساءً

الإنتاجات السينمائية العالمية في الأردن تحقق أكثر من 500 مليون دولار عوائد اقتصادية وتدفع بنمو السياحة بنسبة 20%

 

وصف المخرج العالمي ريدلي سكوت وادي رم بأنه “يأسر الأنفاس برحابته”، مؤكداً أنه يشكل عالماً طبيعياً استثنائياً لصنّاع السينما، بعدما قدّمه للعالم في فيلمه الشهير The Martian. وأبدى المخرج ج. ج. أبرامز الإعجاب ذاته، مشيداً بـ”العظمة الملحمية” التي أضفاها الأردن على فيلم Star Wars: The Rise of Skywalker. أما النجم جايسون موموا فوصف تجربته في تصوير Dune بأنها “مهيبة”، مؤكداً أنه “لم يرَ صحراء أو صخوراً كتلك من قبل”.

أكدت هذه الشهادات من صُنّاع السينما العالميين تنامي مكانة الأردن كأبرز وجهة تصوير في الشرق الأوسط، بعد أن استقطب أكثر من 200 إنتاج سينمائي بين هوليوودي وعربي وهندي. وكشف التقرير السنوي لهيئة الأفلام الملكية (2023) أن الإنتاجات الدولية ضخت أكثر من 500 مليون دولار في الاقتصاد الأردني بين عامي 2017 و2023. كما انعكس أثر هذه الإنتاجات بقوة على قطاع السياحة في نمو متواصل، إذ أوضحت بيانات معهد اليونسكو للإحصاء وهيئة تنشيط السياحة الأردنية أن مواقع التصوير في الأردن شهدت زيادة في أعداد السيّاح تراوحت بين 15% و20% خلال عام واحد فقط عقب طرح أي عمل سينمائي عالمي بارز.

وقدّمت البتراء ووادي رم وسائر المواقع المتنوعة في المملكة خلفيات لمجموعة من أبرز الإنتاجات مثل Aladdin وTransformers وDune، إلى جانب أفلام عربية وهندية مرموقة. ومكّن تنوّع تضاريس الأردن وفرادتها من أن يقوم بدور بديل عن دول أخرى في المنطقة مثل سوريا والعراق وليبيا وأفغانستان واليمن والسعودية – بل وحتى عن كواكب مثل المريخ.

وقال الدكتور عبدالرزاق عربيات، المدير العام لهيئة تنشيط السياحة الأردنية: “أحدثت الإنتاجات السينمائية الدولية أثراً لافتاً على قطاع السياحة في الأردن. وخذ على سبيل المثال وادي رم، فمنذ تصوير فيلم The Martian تضاعفت أعداد السيّاح إلى وادي رم مرات عديدة، وأصبح الموقع معروفاً عالمياً باسم ’وادي القمر‘ و’المريخ الحقيقي على الأرض‘. ويترك كل إنتاج عالمي أثراً دائماً يضع مواقع الأردن المميزة على خريطة السياحة العالمية، فقد حوّلت أفلام مثل Dune وStar Wars صحارينا إلى وجهات عالمية لعشاق السينما والمغامرة، وخلقت فرصاً سياحية مستدامة للمجتمعات المحلية.”

وشدّد المهندس مهند البكري، مدير عام الهيئة الملكية للأفلام بالأردن، على مكانة المملكة المتنامية في صناعة السينما العالمية قائلاً: “أطلقنا منظومة دعم متكاملة توفر استرداداً نقدياً يصل إلى 45% من النفقات المؤهلة، ما رسّخ موقع الأردن كخيار استثنائي ووجهة شديدة الجاذبية لصنّاع السينما العالميين. وعندما تضاف هذه الحوافز إلى الإعفاءات الضريبية والجمركية، يغدو الأردن ليس مجرد موقع غني بتنوعه الطبيعي الفريد، بل أيضاً وجهة جاذبة من الناحية المالية.”

ويوفر التصوير في الأردن عدداً من المزايا الاستثنائية لشركات الإنتاج، بفضل برنامج الاسترداد النقدي الذي يُعد من بين الأكثر تنافسية عالمياً. ويقوم هذا البرنامج على نظام شرائح مرن يكافئ جميع مستويات الإنتاج. فالإنتاجات التي تتراوح استثماراتها بين 250 ألفاً و1 مليون دولار تسترد 25% من نفقاتها، فيما تؤهل الاستثمارات بين 1 و10 ملايين دولار لاسترداد بنسبة 30%. أما الإنتاجات الكبرى التي تتجاوز ميزانيتها 10 ملايين دولار، فتحظى باسترداد نقدي يصل إلى 35%، إلى جانب 10% إضافية للمشروعات التي تدمج عناصر ثقافية، ليصل إجمالي الاسترداد إلى 45%. وتُسلَّم هذه الحوافز الكبيرة، إلى جانب إعفاءات ضريبية وجمركية تصل إلى 56%، خلال فترة قياسية لا تتجاوز خمسة أشهر، وهي من الأسرع في هذه الصناعة.”

ويشمل برنامج الاسترداد النقدي جميع أشكال الإنتاج المرئي، بدءاً من الأفلام الروائية الطويلة والمسلسلات التلفزيونية، مروراً بالأفلام الوثائقية والإعلانات التجارية، وصولاً إلى الفيديوهات الموسيقية. كما تستفيد الإنتاجات المشتركة الرسمية المندرجة ضمن الاتفاقيات الثنائية من المزايا ذاتها عبر إجراءات مبسطة وسلسة. ويغطي هذا البرنامج مجموعة شاملة من النفقات الإنتاجية، منها أجور الطواقم والممثلين المحليين، وتكاليف السفر عبر الناقلات الوطنية، واستئجار المعدات، والإقامة، وخدمات التموين، ووسائل النقل، وتأجير الاستوديوهات، وبناء الديكورات، إضافةً إلى تغطية ما يصل إلى 15% من تكاليف ما بعد الإنتاج المنفذة داخل الأردن.

ويمنح الأردن صُنّاع السينما مرونة استثنائية في جداول الإنتاج، بفضل أكثر من 310 أيام مشمسة سنوياً وإمكانية الانتقال من شماله إلى جنوبه خلال خمس ساعات فقط. كما تسهم بيئته السياسية المستقرة، وبنيته التحتية المتطورة، إلى جانب كفاءاته البشرية الناطقة بالإنجليزية، في تعزيز جاذبيته كوجهة مفضلة للإنتاجات السينمائية الدولية.

وتتيح المواقع الأردنية لفرق الإنتاج الانتقال بسلاسة من عمارة البتراء الوردية العريقة إلى تضاريس وادي رم الصحراوية الشبيهة بسطح المريخ في أقل من ساعتين. وتوفّر المملكة نطاقاً واسعاً من البيئات التصويرية، يمتد من المشاهد الحضرية الحديثة في عمّان إلى المناظر الفريدة للبحر الميت، ومن الآثار الرومانية البديعة في جرش إلى القلاع العائدة للعصور الوسطى في عجلون وسط الغابات الخضراء. ويمنح هذا التنوع المخرجين إمكانيات إبداعية غير مسبوقة مع المحافظة على كفاءة جداول التصوير. وإلى جانب هذه المزايا الطبيعية، تدعم مرافق الإنتاج الحديثة مثل استوديوهات “أوليفوود” (Olivewood Studios) القطاع بما توفّره من تقنيات حديثة وخدمات إنتاج شاملة.

ويواصل الأردن تعزيز مكانته في صناعة السينما العالمية من خلال إبرام اتفاقيات للإنتاج المشترك مع عدد من الدول، إضافة إلى الاستثمار المستمر في تطوير بنيته التحتية. وبفضل مزيجه الفريد من المواقع الطبيعية الخلابة، والحوافز المالية الجاذبة، وخدمات الدعم المهني، يرسّخ الأردن موقعه كوجهة رائدة للإنتاج السينمائي العالمي.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.