تعد مصر من أوائل الدول التي تمتلك تاريخا لايزال متواجدا على الأرض رغم مرور آلاف السنين عليه.
وتنتشر على أرض مصر العديد من المناطق الأثرية شاهدة على تعاقب حضارات عظيمة عبر مختلف العصور
التاريخية؛ فمن الآثار المصرية القديمة واليونانية الرومانية والقبطية والإسلامية حتى آثار العصر الحديث تتنوع
المفردات المعمارية والفنية ما بين دور للعبادة، ومقابر، ومسلات، وقصور، يحمل كل منها طابعه المميز وجمالياته؛
ونتيجة لتنوع الآثار فى مصر؛ أصبحت مصر مقصداً لملايين السائحين كل عام ، وهو ما جعل قطاع السياحة في
مصر من أهم وأبرز القطاعات في الاقتصاد المصرى، وتشير التقديرات إلى أن عدد السائحين الذين زاروا مصر
خلال عام 2019 بلغ 13.1 مليون سائحاً وبلغ إجمالي إيرادات السياحة المصرية 13.03 مليار دولار خلال عام 2019 ومن ثم فإن قطاع السياحة يساهم بأكثر من 15% من الناتج المحلى الإجمالى.
التأمين على الآثار
تنبهت صناعة التأمين إلى أهمية الآثار وإلى ضرورة المحافظة عليها من جميع الأخطار التى يمكن أن تتعرض لها
باعتبارها موروثاً ثقافياً و حضارياً لا يقدر بثمن ، وبالتالى تم تصميم منتجات تأمينية متخصصة لتغطية الخسائر
أو الأضرار التى قد تتعرض لها الآثار أثناء تواجدها فى المتاحف أو أثناء نقلها ليتم عرضها فى معارض أو محافلدولية بالخارج.
ومن ثم قامت العديد من شركات التأمين وإعادة التأمين بتصميم وثائق تأمينية لتغطية الأضرار
التى قد تتعرض لها المتاحف والآثار.
ويعتبر تأمين الآثار من التأمينات المعقدة بسبب تعقيد طبيعة الخطر ذاتها وهذا للأسباب الآتية:
صعوبة تحديد قيمة مبلغ التأمين لعدم وجود قيم سوقية أو قطع بديلة.
وجود أساليب خاصة وفنية دقيقة للتعامل مع إدارة الخطر سواء خلال العرض أو التخزين أو النقل.
وجود إهتمام كبير بالآثار من الرأى العام العالمى والمحلى مما يجعل الخسائر تكتسب أهمية وحساسية خاصة.
وثيقة تأمين المتاحف
تعد وثيقة تأمين المتاحف وثيقة متخصصة وهى تغطى جميع الأخطار التى تلحق بالممتلكات (مباني/مقتنيات أثرية) المراد التأمين عليها ضد الخسائر والأضرار المادية التى تلحق بهذه الممتلكات خلال فترة التأمين فيما عدا الاستثناءات المنصوص عليها بالوثيقة. ويدخل فى نطاق تغطية هذه الوثيقة على سبيل المثال وليس الحصر ما يلى:
المتاحف- الآثار- اللوحات والرسومات والمطبوعات والكتب والمخطوطات النادرة ، المفروشات والأثاث العتيق والصور الفوتوغرافية والأشياء المسكوكة والمجوهرات والمنحوتات وغير ذلك من الأعمال الفنية التى تتمتع بالندرة أو القيمة التاريخية
التغطية التأمينية الواردة فى الوثيقة
تعتبر وثيقة تأمين المتاحف وثيقة ممتلكات شاملة حيث أنها تقوم بتغطية جميع الأخطار من حريق وسطو
كما تقوم الوثيقة أيضاً بتغطية القطع الأثرية خلال مرحلة النقل والتنقل أو خلال العرض فى المعارض الخارجية
أو الداخلية؛ ويتم ذلك من خلال التأمين البحرى حيث يتم عادة تغطية الأعمال الفنية أو الآثار From Nail To
Nail، بمعنى أن التغطية التأمينية تصبح سارية المفعول من وقت تحرك الآثر من موضعه الأصلى فى بلد المنشأ
وتستمر خلال المراحل المختلفة من تغليف وشحن وتفريغ ونقل وعرض فى الدولة المستضفية
وحتى يرجع مرة أخرى الى نفس الموضع الذى الذى أُخذ منه .
ومن ثم يتم تحديد القيم التأمينية للقطع الأثرية والأعمال الفنية على أساس القيمة المتفق عليها (Agreed Value) ويتم تحديد تلك القيمة بناءً على الخطوات التالية:
يتم عمل ما يسمى بتقرير حالة الآثر Conditional Report وهو عبارة عن تقرير مفصل يتضمن وصف دقيق لحالة الأثر أو العمل الفنى قبل البدء بعملية التغليف بالاضافة الى صور له من جميع الجوانب ويتم ذلك من خلال لجنة متخصصة هى التى تقوم بإعداد التقرير ويقوم جميع أعضاء اللجنة (التى تتكون من أعضاء من كل من الجهة المالكة للأثر – شركة التغليف – شركة التأمين – الجهة المنظمة – الشرطة) بالتوقيع على هذا التقرير.
فى حالة عرض الأثر أو العمل الفنى فى معرض أو متحف عادةً ما تطلب شركات التأمين واعادة التأمين تقريراً خاصاً يسمى بـتقرير المرافق والتجهيزات Facility Report والذى يوضح كافة وسائل الأمن والأمان الموجودة بالمكان الذى سيتم فيه عرض الأثر.
الاستثناءات
يقوم هذا التأمين بإستثناء الخسائر والأضرار الناشئة عن عدد من الأخطار ومنها على سبيل المثال :
الاستهلاك العمرى الطبيعى، التلف التدريجى، الاستهلاك، العيب الذاتى، الصدأ و التآكل، الحشرات، الجراثيم، العطب، التعفن والفطريات .
أية عمليات أصلاح، إعادة هيكلة، تجديد، تحسين أو أثناء خضوعها لأية عملية تنقيح مماثلة على الممتلكات المؤمن عليها .
التعرض لظروف جوية أو مناخية، أو للضوء أو درجات عالية من الحرارة ما لم تكن الخسارة التى وقعت نتيجة مباشرة لسبب غير مستثنى بمقتضى هذا التأمين .
الخسائر أو الأضرار أو المسئوليات التى تنشأ سواء بطريقة مباشرة أو غير مباشرة من خطر الحرب، الغزو، أى عمل من عدو اجنبى، أو عمليات حربية ( سواء أعلنت الحرب أم لم تعلن ) أو حرب أهلية أو ثورة أو تأمر أو أعمال أو قوة عسكرية أو سلطة غاصبة .
التعويض
فى حالة وقوع أى حادث للعمل الفنى المغطى تأمينياً وينتج عن ذلك مطالبة بتعويض فإن شركة التأمين تقوم بالتعويض عن:
تكلفة الإصلاح أو إعادة الترميم للعمل الفنى أو الأثر.
تكلفة الإنخفاض فى قيمة الأثر أو العمل الفنى نتيجة للحادث الذى تعرض له العمل الفنى.
أسس تقدير الخسائـر
تعد القيمة التى يتم على أساسها تسوية الخسائر كما يلى:
شركة التأمين غير مسئولة عن الآثار بما يزيد عن القيمة السوقية لها وقت وقوع الخسارة أو الضرر ما لم يكن التأمين معقودا على أساس القيمة المتفق عليها، وفى هذه الحالة يتم التعويض على أساس تلك القيمة .
فى حالة الخسارة الجزئية أو الضرر الجزئى لأى بند من البنود المؤمن عليها فان قيمة الخسارة تحدد على أساس تكلفة ومصاريف إعادة الشىء المؤمن عليه إلى أصله بالإضافة إلى قيمة أى استهلاك فى القيمة شريطة ألا يزيد ذلك عن القيمة الكلية لهذا البند .
فى حالة تحقق خسائر أو أضرار لأى من الممتلكات المؤمن عليها والتى لها قيمة خاصة أو متزايدة بإعتبارها تكون جزء من قطعة متكاملة ، فإن أى تعويض بمقتضى هذا التأمين سوف يأخذ فى إعتباره هذه القيمة الخاصة أو المتزايدة، وعليه يتم تقدير الخسارة على أساس تكلفة ومصاريف الإحلال بالإضافة إلى ما يقابل الاستهلاك فى القيمة شريطة الا يزيد إجمالى التعويض عن القيمة الكلية للممتلكات التى أصيبت بأضرار .
أمثلة على أهمية التأمين على المتاحف والقطع الأثرية والأعمال الفنية
فى عام 2004 تم سرقة لوحتى “الصرخة” و “مادونا” ، وهما لوحتان رئيسيتان للفنان النرويجي الشهير إدوارد مونش من متحف مونش في النرويج على يد لصوص مسلحين في وضح النهار (وتم استعادتهما في عام 2006). وفي عام 1990 ، تمت سرقة ما يقرب من 300 مليون دولار من الأعمال الفنية من متحف إيزابيلا ستيوارت جردنر في بوسطن ، بما في ذلك لوحات لرامبرانت وفيرمير. سرقة المتحف الزراعى المصرى؛ فى عام 2018 تم سرقة 6 قطع أثرية نادرة من المتحف الزراعى ولم يتم إستعادتها.
مما سبق يتضح أن التأمين على القطع الأثرية ضد التلف والنهب والسرقة هو ضرورة قومية للحفاظ على هذه الثروة؛ كما أن هذا النوع من التأمين موجود فى معظم دول العالم. وربما ما يعيق تنفيذ هذا التأمين هو أن تأمين القطع الأثرية سيحتاج إلى مليارات الجنيهات نظراً لقيمة هذه القطع الأثرية، فعلى سبيل المثال، تم وضع مبلغ تقديرى لتأمين مومياء توت عنخ آمون يقدر بحوالى 800 مليون جنيه.
دور الاتحاد
إيماناً من الاتحاد بقيمة الآثار المصرية ومن أن التأمين على المتاحف والآثار المصرية يعتبر هدفاً قومياً لحماية الثروة التى تمتلكها مصر من الآثار.. فقد قام الاتحاد بإتخاذ العديد من الخطوات الهامة فى هذا الصدد وذلك على النحو التالى:
قيام كل من لجنة الحريق ولجنة إعادة التأمين بالاتحاد المصرى للتأمين بإعداد مشروع وثيقة للتأمين على المتاحف والقطع الآثرية والتى تم إعدادها بعد قيام اللجنتين بدراسة عدة نماذج لوثائق عالمية للتأمين على المتاحف.. حيث إستقر الرأى أن يتم الإسترشاد بوثيقة وطلب التأمين الصادرين عن شركة زيوريخ جلوبال للتأمين بلندن مع إضافة بعض المصطلحات لإعطاء الوثيقة الصبغة المصرية ولتتماشى مع السوق التأميني المصري.
قامت لجنة مشكلة بالاتحاد بعقد إجتماع مع السادة ممثلى المجلس وزارة الآثار والمجلس الأعلى للآثار حيث تم مناقشة الآلية التى يتم بها التأمين على الآثار وقامت اللجنة بشرح كيفية تسعير الآثار وما هى المزايا التى يقدمها التأمين فى هذا الصدد، ومن خلال المناقشات أوضحت اللجنة إمكانية التأمين على بعض المتاحف وأهمها:
المتحف المصرى
متحف قصر محمد على بالمنيل
المتحف القبطى بمصر القديمة
متحف الفن الإسلامى بباب الخلق
متحف المجوهرات بزيزينيا
المتحف القومى بالرمل
متحف التحنيط بالأقصر
متحف النوبة بجوار مقياس النيل.
وقد إختتمت اللجنة عرضها للموضوع بإقتراح أن يتم إضافة قسط التأمين على رسم الدخول الخاص بالمتحف.
التعليقات مغلقة.