السبت, 23 نوفمبر 2024 | 3:41 صباحًا

العريان: الانهيار قادم فى اقتصاد الأسواق العالمية مع عجز البنوك المركزية عن حمايته

يحذر الخبير الاقتصادي محمد العريان من تزايد احتمالات حدوث انهيار في الاقتصاد والأسواق، مع افتقار البنوك المركزية للقدرة على توفير الحماية اللازمة لمنع هذا السيناريو.
وبحسب حوار هيئة الإذاعة الأسترالية “إيه.بي.سي” مع الاقتصادي المصري محمد العريان، فإنه حذر من أن الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين يمكن أن تُشكل مخاطر كبيرة على اقتصاد مثل أستراليا التي لم تشهد أي انكماش اقتصادي منذ 28 عاماً.
ويشغل العريان، والذي صعدت أصول بيمكو تحت إدارته إلى 2 تريليون دولار، في الوقت الحالي منصب كبير المستشارين الاقتصاديين في مجموعة “أليانز” المالية العالمية.
ويؤكد العريان أنه يجب الحذر الشديد عند الاستثمار في المناطق الأكثر انعداماً للسيولة والأكثر خطورة في السوق، حيث تكون الشركات مثقلة بالديون وتحتاج لعمليات إعادة تمويل بشكل مستمر من قبل السوق، مرجعاً ذلك لاحتمالية أن يحدث تعثر عن سداد الديون وهو الأمر الذي يُعد بمثابة خطأ لا يمكن عكس مساره.
وأبدى الخبير الاقتصادي مخاوفه حيال معدلات الفائدة المنخفضة للغاية حول العالم، معتبراً أن آثارها الضارة تفوق تلك الإيجابية.
وبعد نقطة معينة، ستبدأ معدلات الفائدة المنخفضة للغاية تلك في تشويه كافة أنواع السلوكيات وهو ما لا يتماشى مع الاقتصاد والأسواق التي تعمل بشكل جيد، وفقاً للعريان.
ويضيف: “لذلك أنا قلق للغاية، واعتقد أنه في حالة أوروبا – على سبيل المثال – قد وصلنا بالفعل إلى هذه النقطة”.
ويرى كذلك أن البنوك المركزية في موقف ضعيف، ولا يمكنهم فعل المزيد كون أيّ خطوة إضافية تصبح ذو نتائج عكسية، كما لا يمكنهم التراجع عن اتجاههم لأن ذلك يتسبب في عدم استقرار السوق.
وتابع: “لذلك أنا أشفق على البنوك المركزية.. أنها في وضع الخاسر في كلا الحالتين”.
ورغم رفض العريان الشديد لقيام البنوك المركزية بمزيد من عمليات خفض معدلات الفائدة لكنه أقر أنه من الصعب للغاية بالنسبة لهم البقاء دون رد فعل مع تباطؤ النمو في كافة الاقتصادات الكبرى.
ووصف ذاك الوضع بأنه أشبه بالذهاب إلى طبيب، حيث أنه سيحاول مساعدتك حتى لو لم يكن لديه العلاج المناسب، قائلاً: “سوف تمنحك – البنوك المركزية – بعض الوقت على الأقل مع مسكنات للألم”.
واعتقد أن هذا ما فعلته البنوك المركزية لبعض الوقت، مشيراً إلى أن البنوك المركزية مثل بنك الاحتياطي الفيدرالي لا يمكنها أن تفعل أيّ شيء حيال الحتميات الاقتصادية مثل تعزيز الإنتاجية وبناء البنية التحتية ورفع مهارات العمال.
لكن بدلاً من ذلك، فإنه بمقدور البنوك المركزية فقط رفع أسعار الأصول أملاً في أن يشعر الأشخاص الذين يمتلكون أصول كالأسهم والعقارات بأنهم أكثر ثراءً والبدء في الإنفاق.

وجادل بأنه ينبغي توقف اعتماد الحكومات المفرط والمطول على البنوك المركزية لكن هذا لا يحدث، قائلاً: “الشيء الوحيد الذي حدث هو زيادة أسعار الأصول، ومن يملك الأصول؟، الأغنياء، الأفضل حالاً”.
ومن المفارقات أن أحد الآثار الجانبية كانت تفاقم عدم المساواة في الثروة، في وقت أصبحت فيه عدم المساواة في الثروة والدخل من أكثر المشاكل الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، بحسب العريان.
وأثار قادة البنوك المركزية مراراً المخاوف من أن فعالية السياسة النقدية قد وصلت إلى حدودها القصوى، حيث حذر محافظ بنك الاحتياطي في أستراليا “فيليب لوي” بشأن الآثار السلبية لمعدلات الفائدة المنخفضة، وهي النغمة التي تكررت على لسان رئيس الفيدرالي “جيروم بأول” هذا الأسبوع.
ويشير الاقتصادي في مجموعة أليانز إلى أن الوقت ينفذ وأن الاقتصاد العالمي يقترب حالياً من مفترق للطرق خطير، حيث يرى أحد الطرق أن الحكومات تتدخل بالحوافز فيما يؤدي الآخر للركود الاقتصادي.
لكنه حذر من أنه إذا لم يحدث هذا التسليم (من البنوك المركزية للسياسيين)، فسوف تتمثل النتيجة هي حدوث ركود اقتصادي وعدم استقرار مالي وحتى تشكيل سياسي أكثر تعقيداً، وهذا هو الطريق الذي نتجه إليه.
وقال العريان: “نحن نقترب أكثر فأكثر من هذه السيناريو، وكلما طال تأجيل تحول السياسة كلما زاد احتمال تحول الاحتمالات لصالح النتيجة السيئة”.
ويرى أن هناك احتمالية بنسبة 60 إلى 40%، حيث أن 60% تشير إلى نهاية سيئة في حين أن الـ40% تعني نتيجة إيجابية.
ومع ذلك، لا يضع العريان احتمالية كبيرة لوقوع تداعيات اقتصادية وسوقية كونه يعتقد أن السياسيين سوف يستمعون لنداء محافظي البنوك المركزية.
وأبدى العريان إعجابه بتاريخ أستراليا الذي دام لنحو 28 عاماً دون الوقع في حالة من الركود الاقتصادي (والذي يعرف من الناحية الفنية على أنه انكماش في الناتج المحلي الإجمالي لمدة ربعين متتاليين).
لكن في الوقت نفسه حذر من أن البلاد لا تفكر بشكل كافي في المخاطر الكبيرة التي تُشكلها الحرب التجارية غير المتوقعة بين الولايات المتحدة والصين.
وتابع: “استمرت التوترات التجارية وإذا ثبت أن التهدئة الأخيرة مجرد هدنة قصيرة الآجل، فهناك خطر كبير للغاية في أن تصبح الأمور متوترة للغاية بين أكبر اقتصادين بالعالم بحيث تواجه أستراليا خياراً رئيسياً”.
ويكمن ذلك في الاختيار بين أمرين: هل ترغب أستراليا في مواصلة التعاملات التجارية مع الصين كونها سوقها الرئيسي؟، أم هل ترغب في متابعة الترتيب الأمني ​​الخاص للغاية مع الولايات المتحدة؟
وبالنسبة للصين، فإن الاقتصاد العالمي قد تحول من كونه عنصر داعم يساهم في فتح الأسواق وتعزيز الإنتاجية إلى رياح عكسية ضخمة.
وفي نفس السياق، يشعر العريان بالقلق حيال أسواق الأسهم على اعتبار أنها مقومة بأكثر من قيمتها في الوقت الحالي، محذراً من وجود احتمالية بنحو 50% بأن تشهد تلك الأسواق عملية إعادة تسعير كبيرة.
لكنه أشار إلى أنه من الصعب تحديد حجم إعادة التسعير أو الهبوط الذي سيحدث، بالنظر إلى أن كل مرة تشهد الأسواق خسائر، يعتقد المستثمرون أنها بمثابة إشارة للشراء اعتماداً على درايتهم بأن البنوك المركزية سوف تقدم الدعم.
كما أوضح أن الخوف من فقدان الفرصة يعتبر بمثابة عامل آخر.
وقال: “إذا كان ينظر للبنوك المركزية على نحو متزايد بأنها غير فعالة أو في أسوأ السيناريوهات ستؤدي إلى نتائج عكسية، اعتقد أن سلوك المستثمرين سوف يتغير”.

التعليقات مغلقة.