الإثنين, 23 ديسمبر 2024 | 8:47 صباحًا

الفحم يلفظ أنفاسه الأخيرة في أسواق الطاقة العالمية

أوضحت الدراسة الاستقصائية التي أعدها محمود أبو هديمة المحلل والخبير الاقتصادي بمؤسسة جولف بروكرز العالمية حول مستقبل الفحم في أسواق الطاقة العالمية حيث أفادت الدراسة إن الفحم، الذي يعتبر مصدرًا للطاقة ولا يمكن الاستغناء عنه، أصبح تدريجياً في آخر قائمة الاستخدامات وقد استبدله الكثير من كبار المستهلكين، مثل المملكة المتحدة وألمانيا، وكذلك الولايات المتحدة والصين، بالطاقة المتجددة والغاز الطبيعي. وبالتالي، فإن استهلاك الفحم أخذ يتناقص تدريجيا.

وأشارت الدراسة إنه وفقاً لمعطيات الاتحاد الأوروبي، فقد بلغ إنتاج الطاقة الكهربائية عام ٢٠١٨ في الاتحاد الأوروبي ما قيمته ١٩.٢٪، وقد شكل الفحم الأسود ١٠٪ والفحم البني ٩.٢٪.  انخفض المعدل السنوي للإنتاج بنسبة ٦ في المائة وذلك مقارنة بعام ٢٠١١، حيث بلغت أسعار المادة ذروتها بانخفاض قدره ٣٠ في المائة.  كما انخفضت بشكل عام، على مدار السنوات الست الماضية، انبعاثات ثاني أكسيد الكربون السنوية من محطات توليد الطاقة الأوروبية التي تعمل بالفحم بمقدار ٢٥٠ مليون طن، وهذه أخبار سيئة لشركات استخراج   الفحم، ولكنها أخبار جيدة للبيئة – نظراً للآثار السلبية الناشئة من استخراج الفحم وحرقه. وبالتالي فإن أهمية الفحم بدأت تدريجيا تتجه للوراء.

يتم انتاج حوالي ٧٥٪ من الفحم الأسود في دول الاتحاد الأوروبي، حيث وضع الاتحاد خطة لوقف انتاجه. كما انخفض استهلاك الفحم بشكل كبير في الولايات المتحدة، وفقًا لتقديرات إدارة معلومات الطاقة EIA المنشورة في ديسمبر ٢٠١٨ ليصل إلى أدنى مستوى له في السنوات الـ ٣٩ الماضية.  وقد تم إغلاق ٣٦٪ من محطات توليد الطاقة التي تعمل بالفحم منذ عام ٢٠٠٧، مما أدى إلى هبوط استهلاك الفحم إلى ٤٤٪ أي حوالي ٦٢٢ مليون طن، وتتوقع إدارة معلومات الطاقة EIA انخفاضه ٨٪ أخرى في عام 2019.

أما بالنسبة للصين صاحبة أعلى استهلاك من الفحم فقد جاء في التقرير الصادر عن جولف بروكرز إنه وفقا للجنة الوطنية الصينية ولجنة التنمية والإصلاح، في الطريق لخفض الاستهلاك السنوي للفحم إلى ٣.٥ مليار طن بحلول عام ٢٠٢٠. وحسب تقديرات أغسطس ٢٠١٨ من العام الماضي، انخفض استهلاك الفحم من ٣٠ مليون طن العام الماضي ليصل الانخفاض إلى حوالي ٣.٨٣ مليار طن.

كما يتضح من تحليل مؤسسة جولف بروكرز، فإن التراجع في إنتاج الطاقة من الفحم ينعكس أيضًا على أسعار هذه المادة. في حين بلغ سعره في يناير ٢٠١١ تاريخياً أعلى قيمة تجاوز فيها ١٣٩ دولارًا للطن المتري، فقد انخفض في أوائل عام ٢٠١٦ ليصل إلى أدنى مستوى تاريخي له بحوالي ٤٩ دولارًا للطن المتري. يبلغ السعر في الوقت الحالي حوالي ٩٠ دولارًا للطن المتري، وذلك بانخفاض قدره ١٠٪ مقارنة بنفس الفترة من عام ٢٠١٨.

ومن الناحية الاقتصادية فإن انخفاض أسعار الكهرباء المنتجة من الطاقة المتجددة مثل الطاقة الشمسية أو طاقة الرياح يساعد في الاعتماد عليها بشكل أكبر، والتي قد تصل أسعارها إلى مستوى مماثل لأسعار الكهرباء المنتجة من المصادر المعتادة. فقد لعب الارتفاع في تكاليف الحد من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون أيضًا دورًا في الانتقال إلى مصادر جديدة، الأمر الذي زاد من تكلفة تشغيل محطات الطاقة التي تعمل بالفحم.

بالإضافة إلى الطاقة المتجددة، فقد تم استبدال الفحم أيضًا بالغاز، والذي يحظى بأهمية خاصة في الصين. لا تتحدث الأرقام الإجمالية هناك عن تحول كبير في استخدام الغاز، على الرغم من زيادة استهلاكه على مستوى العالم وقد أدى ذلك إلى ارتفاع سعر الغاز بنحو ٣٠٪ العام الماضي. لكنه عاد في الوقت الحالي إلى مستوى ٢.٨٣ لكل وحدة حجم.

ويستخلص التقرير أنه إذا تم العثور على استخدامات جديدة مناسبة للفحم تنسجم مع الأهداف البيئية للاقتصاد العالمي، فمن المحتمل أن يحقق سعرًا إجماليًا منخفضًا جديداً. وباستبعاد شركات التعدين يعد هذا خبراً سيئاً للغاية بالنسبة للبلدان المصدرة للفحم من ضمنها أستراليا وإندونيسيا والولايات المتحدة الأمريكية وروسيا وجنوب إفريقيا باعتبارهم من بين أكبر المصدرين للفحم في العالم.

التعليقات مغلقة.