في مقال تم نشره بمجلة Harm Reduction Journal ، استعرض الدكتور كارل فاجرستورم معدلات التدخين في الدول التي تعتمد بشكل أكبر على منتجات النيكوتين البديلة مثل السجائر الإلكترونية والتبغ المسخن وتبغ المضغ مقارنة بالدول المجاورة حيث تكون هذه المنتجات أقل انتشارًا. حيث قد يساعد السماح بتداول منتجات النيكوتين البديلة في تقليل معدلات التدخين بشكل أسرع من تدابير مكافحة التبغ التقليدية التي تركز فقط على الوقاية والإقلاع عن التدخين.
من جانبهما قالا اثنان من المسؤولين السابقين في منظمة الصحة العالمية، البروفيسور روبرت بيجلهول والبروفيسور روث بونيتا، إن تدابير مكافحة التبغ التقليدية ليست مؤثرة في معظم دول العالم، حيث لم يتراجع العدد الإجمالي لمستخدمي التبغ على مدار الثلاثين عامًا الماضية، وهو ما اشارت اليه الدراسة التي قامت بها منظمة العبء العالمي للأمراض (GBD) في عام 2019 والتي أكدت أن عدد المدخنين حول العالم بلغ 990 مليون مدخن في عام 1990، وارتفع هذا العدد ليصل إلى 1.14 مليار في عام 2019. وفي عام 2021، قدرت منظمة الصحة العالمية (WHO) أن عدد المدخنين في عام 2020 كان 0.99 مليار، وهو نفس العدد الذي قدرته مجموعة العبء العالمي للأمراض لعام 1990.
وطالب العالمان من الاتفاقية الاطارية لمنظمة الصحة العالمية بشأن مكافحة التبغ (FCTC) بضرورة النظر في استراتيجيات الحد من مخاطر التبغ التي يمكن أن تقلل من مخاطر حرق التبغ عن طريق استبدال السجائر التقليدية ومنتجات التبغ المحترقة بمنتجات بديلة لا تعتمد على الحرق توفر النيكوتين بطرق أقل كثيراً من المخاطر.
اما فوجان ريس، مدير مركز مكافحة التبغ العالمي، فيقول: “على الرغم من انتشار الوعي بأن الأساليب الحالية لمكافحة التبغ غير كافية، فقد تبنى عدد قليل من البلدان سياسات الحد من المخاطر في استراتيجيتها لمكافحة التبغ – باستثناء المملكة المتحدة ونيوزيلندا، والتي تشجع على استخدام الـفيبينج للإقلاع عن التدخين وتقليل المخاطر. أما السويد والنرويج واليابان والتي لا تؤيد بالضرورة استخدام منتجات النيكوتين البديلة لتقليل المخاطر المرتبطة بالتدخين، قد شهدت أيضًا انتشاراً كبيرًا في استخدام هذه المنتجات، مؤكدا أن أفضل التدخلات القائمة على الأدلة قديمة، ومبالغ في تقديرها، ولا يمكنها مواجهة التحدي المتمثل في تقليل المخاطر المرتبطة بالتبغ في هذا القرن.”
وأشار ريس الى أن معدل التدخين في المملكة المتحدة كان في عام 2020، أقل بقليل من 14٪. بينما انخفض معدل التدخين في دول الاتحاد الأوروبي الـ27 بمقدار 2% بين عامي 2014 و 2020 مقارنة بـ 4% في المملكة المتحدة. موضحا أن الحكومة في نيوزيلندا، تشجع تدخين الفيبينج أو السجائر الإلكترونية على الإقلاع عن التدخين، لا فتا الى أن معدل التدخين اليومي انخفض بشكل أسرع مما هو عليه في أستراليا، على الرغم من أن كلا البلدين لديهما إجراءات مماثلة لمكافحة التبغ والسجائر (مثل ضرائب دمغة عالية، تغليف عادي غير جذاب لمنتجات التبغ، حظر عرض منتجات التبغ
فيما تعد تجربة اليابان مع منتجات التبغ المسخن (HTPs) تجربة أكثر حداثة وتطورا حيث تحل هذه المنتجات محل التدخين التقليدي بنجاح، فعلى الرغم من وجود منتجات التبغ المسخن في اليابان منذ عام 2015، إلا أنه في عام 2018 تم عمل مسح ميداني لتحديث بيانات الصحة والتغذية المرتبطة بمنتجات التبغ المسخن بشكل منفصل عن تدخين السجائر التقليدية. لذلك، من المحتمل أن تكون منتجات التبغ المسخن قد ساهمت في خفض معدلات التدخين قبل عام 2018. ووجد المسح أيضًا أن 76٪ من مستخدمي منتجات التبغ المسخن في اليابان لم يدخنوا السجائر في عام 2019.
قد يساهم استبدال منتجات التبغ المحترق بمنتجات النيكوتين البديلة في خفض معدلات التدخين التقليدي، وقد يساعد الاعتماد على هذه المنتجات في تقليل انتشار التدخين بشكل أسرع من تدابير مكافحة التبغ التقليدية التي تركز على الوقاية والإقلاع فقط.
من المؤكد تماماً أن منتجات التبغ غير القابلة للاحتراق لا تقارن بالتدخين التقليدي من حيث المخاطر. حيث راجعت إدارة الغذاء والدواء الأمريكية (FDA) منتجات تبغ المضغ، التبغ المسخن، والسجائر الإلكترونية ووجدت أنها “مناسبة لحماية الصحة العامة”. بينما لم تتخذ الـ (FDA) قرارًا بشأن منتجات أكياس النيكوتين، والتي تشير البيانات إلى أن ملف تعريف المخاطر الخاص بها يشبه على الأرجح لبان النيكوتين.
وفيما يتعلق باستخدام الشباب للنيكوتين أو التبغ في البلاد التي أجريت فيها هذه الاحصائيات قالت ديبورا هارت، مديرة منظمة العمل على التدخين والصحة في نيوزيلندا: “هذا هو أكبر انخفاض في معدلات تدخين الشباب منذ عشرة سنوات”، وإذا استمرت الاتجاهات الحالية، فإنه من المحتمل – في البلاد التي وصلت فيها نسب تدخين الشباب إلى مستويات منخفضة للغاية -، أن يختفي التدخين فعليًا خلال جيل أو جيلين عندما تصل هذه المجموعات إلى سن الرشد. ومع ذلك، يمكن وينبغي عمل المزيد المجهودات للوصول إلى هذا الهدف بشكل أسرع وفي المزيد من البلاد.
من الناحية الواقعية، لن تتمكن أي فئة من منتجات النيكوتين البديلة من تقليل معدلات التدخين وبالتالي تخفيف عبء الأمراض المرتبط بالتدخين، لذلك يجب أن تقود منظمة الصحة العالمية الطريق لتقديم واقتراح إجراءات جريئة للقضاء على التدخين، لكنها للأسف لا تفعل كذلك. وبدلاً من ذلك، فهي تعتمد على الاتفاقية الإطارية لمكافحة التبغ (FCTC) وتدابير رصد تعاطي التبغ وسياسات الوقاية (MPOWER) التي لم تسرع التقدم العالمي في تقليل استهلاك السجائر أو تقليل عدد الوفيات المرتبطة بالتبغ.
قد يساعد الجمع بين تدابير وسياسات الوقاية القوية من التبغ المدخن مع دعم البدائل منخفضة المخاطر في القضاء على تدخين التبغ إلى الأبد. وهذا يعني تنفيذ لوائح وضرائب أكثر صرامة على منتجات التبغ المحترقة، وتوسيع نطاق برامج المنع والإقلاع، وفي الوقت نفسه إعطاء مزايا تنظيمية ومالية للمنتجات الأقل خطورة مقارنة بالسجائر التقليدية. كل ذلك يمكن أن يعزز منتجات النيكوتين البديلة كخيارات أفضل للحد من الضرر الذي يلحق بالمدخنين الذين لا يقلعون عن التدخين، لكل ذلك هناك حاجة ضرورية إلى سياسات أكثر جرأة – بما في ذلك تأييد ودعم مفاهيم ومنتجات الحد من المخاطر – لوضع المسمار الأخير في نعش التدخين.
التعليقات مغلقة.