الأربعاء, 26 يونيو 2024 | 2:14 مساءً

لماذا تفشل معظم مشاريع الذكاء الاصطناعي

تتباين العوامل التي تحدد نجاح أي مشروع في نفس المجال أو حتى ضمن المشروع نفسه،

وهو أمر ينطبق بشكل خاص على الذكاء الاصطناعي الذي يعدّ مجالًا جديدًا نسبيًا

ولكنه يدعم مختلف الأعمال حول العالم وينقل اهتمام المستثمرين إلى الحلول التقنية الأكثر استدامة وأقل تكلفة.

يعتبر الذكاء الاصطناعي قوة خارقة صاعدة في عالم الأعمال،

كما استضافت المملكة العربية السعودية القمة العالمية للذكاء الاصطناعي في أكتوبر 2020 حيث تم الكشف عن استراتيجية موسّعة للذكاء الاصطناعي في الأسواق.

كما تهدف الاستراتيجية إلى تدريب عدد يصل إلى 20,000 خبير في البيانات والذكاء الاصطناعي وإقامة 300 مشروع ناشئ في المجال،

مما يتوقع أن يساهم في تحقيق استثمارات بقيمة 20 مليار دولار بحلول العام 2030.

وإن كان من الممكن استخدام الذكاء الاصطناعي كوسیلة لتنمیة دول بأكملھا،

فھو بھذا أداة بوسعھا تحقیق نقلة حقیقیة في أسلوب العمل
واتخاذ القرارات في العالم،

وھو ما یلاحظھ صانعو القرارات بشكل متزاید باعتباره بوابة نحو مستقبل أكثر سلامة واستدامة.
ولھذا فإن الحماس تجاه الانضمام إلى ركب الذكاء الاصطناعي مفھوم بل ومحمود،

إلا أن نجاح تلك التقنیة یعتمد على طیف متكامل من
البیانات التي یتم تسجیلھا وتحلیلھا عبر قاعدة بیانات ضخمة ومن خلال التحلیل المستمر للتقارب بین البیانات التنبؤیة والفعلیة.

ویعدّ فشل مشاریع الذكاء الاصطناعي في مراحلھا المبكرة واحدًا من المخاوف الشائعة والمشروعة،

فالأرقام الأخیرة تظھر أن حوالي %85 من
إجمالي تلك المشاریع تفشل – بل وقبل بدایتھا أحیانًا، فلماذا؟ في معظم الأحوال،

كما تفتقر تلك المشاریع الكبرى إلى التوافق الضروري مع
أولویات الأعمال.

كما تھتم العدید من المؤسسات باستمراریة عملیاتھا التقلیدیة مما یجعل ھذه المشاریع التي تنطوي
على التغییرات الملموسة أقل أولویة من غیرھا بكثیر.

كما أن الذكاء الاصطناعي تقنیة مكلفة، حیث سیصل مجموع الإنفاق على مشاریع وحلول الذكاء الاصطناعي إلى 58 ملیار دولار خلال
السنوات القلیلة المقبلة.

وما تقوم بھ العدید من الشركات ھو القفز مباشرة في خضم المعلومات حول الأمر لینتھي بھا الأمر بنتیجة واحدة:
وھي أن الذكاء الاصطناعي سیخفض التكالیف –

وھي حقیقة صحیحة بالفعل إلا أنھا تستغرق الوقت وتحتاج إلى المھارة وبذل الجھد;
بدءًا من الشراكة مع المزودین المناسبین للحلول وحتى تعیین أفضل المختصین في المجال لإدارة مشاریع الذكاء الاصطناعي. تبدأ الكثیر
من الشركات بالمشروع ثم تنسحب عندما یتم تقییم التكلفة الكاملة بالنتائج –

ولھذا السبب لا بد من إعداد استراتیجیة واضحة وشاملة
لمشاریع الذكاء الاصطناعي لتحقیق النجاح، إلا أنھا لا تضمن ذلك.

كما أن الاستراتیجیة وحدھا لا تكفي في المشاریع القائمة بشكل أساسي على الذكاء الاصطناعي،

رغم كونھا ركیزة ھامة في قطاع
الأعمال بشكل عام. فالاستراتیجیة المالیة دون خبرة تشبھ تضییع المال على مشكلة دون إیجاد حل لھا،

وبالتالي لا یمكن أن تكون فعالة
دون خبرة. ونظرًا لأن الذكاء الاصطناعي مجال جدید، فإن المھارات المتاحة في المجال قلیلة، وھذا أحد الأسباب التي تدفع الحكومات
إلى اللجوء للبرامج التدریبیة وضخّ رأس المال لتطویر جیل متمیز من المھندسین والعلماء ورجال الأعمال المتخصصین بالذكاء
الاصطناعي.

كما أن الحداثة النسبیة للمجال تجعل الاستثمارات محفوفة بالمخاطر بسبب عدم وجود تاریخ كافٍ تستند إلیھ. وفي عصر
التجربة والخطأ، نجد أن الخطأ ھنا یعني خسائر فادحة وفشلاً في المراحل المبكرة – وھو أمر یتكرر باستمرار حیث تبدأ العدید من
مشاریع الذكاء الاصطناعي بخطوات كبیرة وطموحات عالیة.
یرتبط ذلك بوصف الذكاء الاصطناعي كمجال عمل محفوف بالمخاطرة، حیث یعدّ أداة باھظة الثمن یصعب قیاسھا وإدامتھا. ولكن تطویر
الاستراتیجیة والنھج الصحیحین یمكنھما وضع الشركات على المسار الصحیح، إذ یجب أن تبدأ بالمشكلة التي تواجھھا المؤسسة، وبطرح
ھل یمكن للذكاء الاصطناعي حل تلك المشكلة؟”

یمكن حینھا تصمیم ووضع الاستراتیجیة مع القیاس المناسب والدوري
للعائد على الاستثمار. ولكن الأمر لا ینتھي ھنا:

كما ان أحد أسباب عدم الرضا عن نتائج استخدام الذكاء الاصطناعي عادة،

والتي تؤدي
بالمؤسسات إلى اختیار خیارات أكثر أمانًا، یرتبط بالغموض والأفكار المغلوط ة التي تحیط بھذه التقنیة.

كما  بدا الأمر لوقت طویل بمثابة
قفزة تقنیة مستوحاة من الروایات والأفلام. وعندما یتجھ المستثمرون إلى الذكاء الاصطناعي،

كما یواجھون صعوبة في إدارة توقعاتھا
وتعدیلھا. ولھذا فإن على الشركات التي تستثمر جھودًا

ومبالغ ضخمة في الذكاء الاصطناعي التركیز على التقنیة ولیس على الأعمال،
لأن تبني الذكاء الاصطناعي یجب أن یتم وفقًا لعملیة من خطوات متسلسلة،

كما تبدأ بسبب حاجة العمل لتلك التقنیة وبكیفیة قدرتھا على
المساعدة.

كما  یمكن للذكاء الاصطناعي توقع المعلومات القیّمة بدقة بناء على البیانات، ولكن لیس بوسعھ العمل بالدقة
المتناھیة ذاتھا التي یعمل بھا الدماغ البشري.
كما یمكن للمؤسسات الاستفادة من حلول الذكاء الاصطناعي من خلال البیانات، وتحدیدًا، بالاعتماد على جودة البیانات التي یتم إدخالھا لتلك
الحلول – إلا أن ذلك یفرض تھدیدًا آخر على مشاریع الذكاء الاصطناعي ویعتبر عاملاً مساھمًا وأساسیًا في فشلھا.

ظھر مصطلح
“البیانات الضخمة” فیما بدأت كبرى الشركات التكنولوجیة العملاقة بالسیطرة على قطاع الأعمال عالمیًا، وھو مفھوم مبھم نوعًا ما، إذ قد
یتساءل البعض عن “مدى ضخامة البیانات”. والواقع أنھا ضخمة للغایة، حیث یتطلب الذكاء الاصطناعي الكثیر من البیانات لیحقق
غایتھ، وكلما زادت كمیتھا كان ذلك أفضل.

كما كانت الشركة صغیرة ولا تمتلك الكثیر من البیانات لتبدأ منھا، فلا بد أن تتلاءم التوقعات
مع حجم البیانات المتوفرة.

كما لا بد أن تكون تلك البیانات مرتبطة بالمشكلة التي تحاول المؤسسة حلھا من خلال حلول الذكاء
الاصطناعي، وھي جوانب دقیقة لا تحظى بالاھتمام في الغالب.
لا شك في أن الذكاء الاصطناعي ینطوي على مخاطر عدیدة،

كما ان  المردود المتحقق منھا یمنھ أن یساھم في تخفیض التكلفة وتحقیق
نجاح الأعمال على المدى الطویل.

ومن الأھمیة بمكان أن تتم دراسة جودة البیانات وتوفرھا عند طرح فكرة تبنّي تقنیات الذكاء
الاصطناعي،

كما أن الاستراتیجیة وعوامل قیاس النجاح والفشل جمیعھا خطوات أساسیة لا بد من تحدیدھا.

وفي ظل التوجھ الحالي
للأعمال حول العالم، لا بد من حل مشكلة تدني مستوى المھارات والخبرة في ھذا المجال

التعليقات مغلقة.