السبت, 23 نوفمبر 2024 | 2:55 صباحًا

استخدام الحلول الرقمية لتوسيع نطاق الوصول إلى التأمين الزراعي

 

تواجه الزراعة في العالم تحديات عديدة، وعلى رأسها التغيرات المناخية، تفتت الحيازات، عدم تطبيق الممارسات الزراعية السليمة، وعدم قدرة صغار المزارعين على الوصول للأسواق والحصول على الخدمات بشكل يتفق مع احتياجاتهم.

وأثبتت جائحة كورونا للعالم أجمع أن مجالات الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات تعدّ من القطاعات الحيوية الهامة التي يجب أن نتوسع في استخدامها والعمل على الحصول على الخدمات عن بعد.  وتعتبر الزراعة من أكثر القطاعات حاجة للتوسع في استخدام التكنولوجيا والابتكار فيها.

و تستعرض هذه النشرة ما ورد بالدليل الذي أصدرته “هيئة المعونة الأمريكية للتعاون الدولي ”   في إطار مشروع Mobile Solutions Technical Assistance and Research  و ذلك تحت عنوان ” استخدام الأدوات الرقمية لتوسيع نطاق الوصول إلى التأمين الزراعي)

و الغرض الرئيسي من هذه الدليل هو توفير إطار تحليلي لتحديد مناهج الاستخدام المناسب للأدوات الرقمية لتوسيع نطاق الوصول إلى التأمين الزراعي.

وتجدر الإشارة إلى أنه على الرغم من أن الأدوات الرقمية يمكن أن يكون لها تأثير كبير على تقليل الحواجز التي تحول دون الوصول إلى التأمين الزراعي ، فلا ينبغي اعتبارها دواءً سحريًا. بل يجب دمجها بطريقة تؤدي إلى تعزيز قطاع التأمين الحالي ، و الاستفادة من الموارد الحالية والشراكة مع شركاء من القطاعين العام والخاص حيثما أمكن لتوسيع التغطية لتشمل السكان المحرومين من خدمات التأمين الزراعي

يجب النظر التأمين باعتباره أحد الأدوات العديدة لإدارة المخاطر الزراعية. فالخدمات المالية المقدمة للمزارعين لا تقتصر على الائتمان  فحسب ، بل تشمل مجموعة من المنتجات بما في ذلك المدخرات والمدفوعات. وقد لا يكون التأمين الزراعي هو التدخل الأكثر فعالية ، فقد لا يرغب جميع المزارعين أو يحتاجون إلى التأمين حتى لو كان متاحًا وبأسعار معقولة. من ناحية أخرى ، يمكن للتأمين الزراعي في كثير من الأحيان أن يكون أكثر فاعلية عند دمجه مع الخدمات المالية وغير المالية الأخرى لمعالجة مجموعة المخاطر التي يواجهها المزارعون أصحاب الحيازات الصغيرة والأطراف المشاركة الأخرى داخل سلسلة القيمة.

 

 

الإطار التحليلي

يوفر هذا الإطار التحليلي للجهات المانحة والشركاء المنفذين عملية منهجية ومجموعة من الأدوات لتحديد ما إذا كان التأمين الزراعي تدخلاً مناسباً ، وتحديد العقبات التي تعوق توفير الأدوات الرقمية كحل عملي لتيسير الوصول إلى التأمين الزراعي، و تحديد الفرص لإستثمارات الجهات المانحة في هذا المجال. و يشتمل الإطار على ست مراحل من التحليل لمساعدة المانحين والشركاء المنفذين على تصميم استثماراتهم وتوجيهها بطريقة تغذي استراتيجية التعاون التنموي على مستوى كل دولة.

المرحلة الأولى: تقييم الأخطار الزراعية ضمن سلسلة القيمة

يواجه صغار المزارعين والأسر المشاركة في عملية الزراعة في سلاسل القيمة الزراعية أخطاراً معينة مرتبطة بهذه الأنشطة. بينما يواجه كل طرف ضمن سلسلة القيمة أخطاره الخاصة، وهناك أيضاً أخطار متغيرة على سبيل المثال، الكوارث الطبيعية وتغيرات الطقس وتفشي الآفات والأمراض التي تؤثر على سلسلة القيمة بأكملها.

وتعد الأخطار الزراعية أحد الأسباب الرئيسية لانعدام الأمن الغذائي، كما أن انعدام القدرة على إدارة هذه المخاطر والتخفيف من حدتها يعد عامل رئيسي في دفع سكان الريف نحو الفقر. ويوضح الجدول التالي مدى تأثر كل طرف في سلسلة القيمة بأخطار ومستويات مختلفة

المرحلة الثانية: تقييم أدوات إدارة الخطر الحالية

بمجرد تحديد الأخطار الرئيسية لسلسلة القيمة وتحديد أولوياتها ، فإن الخطوة التالية هي تحديد كيفية إدارة الأطراف المشاركة في سلسلة القيمة لهذه الأخطار. حيث يوجد العديد من الأدوات لمعالجة الأخطار الزراعية بدءً من مستوى المزارعين الأفراد (صغار المزارعين) إلى التشريعات والقوانين التي تسنها الحكومات. وبشكل عام يمكن تصنيف أدوات إدارة الخطر إلى أربع فئات:

  1. تخفيف الخطر: هناك العديد من التدابير التي يمكن اتخاذها قبل وقوع خطر ما لمنع و / أو تقليل الخسائر المحتملة. فعلى سبيل المثال ، يمكن للمزارعين تغيير تقنيات الإنتاج واستخدام بذور مختلفة وتحسين إجراءات الوقاية من الآفات. كما يمكن لجهات التجميع والمعالجين والمشترين الاستثمار في التخزين المُحسّن لتقليل الضرر أو الخسارة المحتملة. ويمكن للحكومات الاستثمار في البنية التحتية والطرق الريفية. أما على المستوى التنظيمي فيمكن للسياسات الحكومية أن تقلل من تقلب الأسعار ومخاطر السوق من خلال تحسين البيئة التمكينية للأطراف المشاركة في سلسلة القيمة في القطاع الخاص.
  2. نقل الخطر/المشاركة: على مستوى المزارع ، يعتبر التأمين الأداة الأساسية لتقاسم الأخطار، ويمكن أن يتخذ شكل التأمين على الائتمان (لتغطية التخلف عن سداد القرض) ، والتأمين على المحاصيل، والتأمين على الثروة الحيوانية، والتأمين ضد تقلبات الطقس، والتأمين على الممتلكات (لتغطية السرقة أو الحريق) ويمكن توفير منتجات التأمين هذه من خلال شركات التأمين التجارية أو البنوك أو الجمعيات الزراعية أو الحكومات. كما يمكن للحكومات أيضاً تطوير شراكات مع القطاع الخاص لتقاسم الخطر، مثل تقديم ضمانات القروض لمقدمي الخدمات المالية لتغطية جزء أو كل حالات التخلف عن السداد في القروض الزراعية. بالنسبة للأخطار المتغيرة مثل الكوارث الطبيعية، غالباً ما يتم إنشاء شراكات بين القطاعين العام والخاص لضمان تغطية أوسع للمواطنين الذين لا تصل لهم خدمات شركات التأمين التجارية التقليدية.
  3. التعامل مع الخطر: بعد وقوع خطر ما، وبعد حدوث خسائر حقيقية، يستخدم صغار المزارعين مجموعة متنوعة من تدابير مواجهة المخاطر لتيسير الحصول على الدخل ومنع حدوث اضطراب في الإنتاج. وتشمل هذه التدابير الاقتراض لاستئناف الإنتاج أو الحصول على قروض الطوارئ قصيرة الأجل للحفاظ على التدفق النقدي. وفي كثير من الأحيان، يلجأ المزارعون أصحاب الحيازات الصغيرة إلى اتخاذ إجراءات لمواجهة الخطر بطريقة سلبية مثل بيع الأصول وبيع الماشية، أو خفض مدخراتهم، أو التخلي عن النفقات المنزلية الخاصة بالتعليم والصحة لتلبية احتياجات التدفق النقدي قصيرة الأجل.
  4. الاحتياطيات: المدخرات هي الأداة الأساسية التي يستخدمها المزارعون أصحاب الحيازات الصغيرة لبناء الأصول، حيث يمكن استخدام المدخرات إما كآلية لتوفير الأمان أو كرأس مال استثماري. ويمكن جمع المدخرات بشكل فردي أو من خلال جمعيات الادخار القروية، وبزيادات صغيرة على فترات منتظمة أو مبالغ أكبر بشكل دوري.

المرحلة الثالثة: تقييم أسواق التأمين الحالية للزراعة

المرحلة التالية تتضمن فحص أسواق التأمين الحالية لتحديد ما إذا كانت هناك حواجز  تحول دون الوصول إلى التأمين .

يجب أن يدعم التأمين الزراعي الشمول التأميني الذي يلبي احتياجات الأسر والشركات على جميع مستويات الدخل. حتى إذا لم يتم تحديد هذا الهدف بوضوح فمن الأهمية العمل على ضمان استدامة الدخل ودعم تأثير التنمية المستدامة على المدى الطويل.

  • خصائص سوق التأمين الشامل (الشمول التأميني)
  • الوصول لجميع الأشخاص الذين لا تصلهم الخدمات التأمينية
  • وجود تنوع من مقدمي الخدمات التأمينية
  • وجود شركات تأمين و وسطاء تأمين ذات كفاءة مالية عالية.
  • وصول منتجات التأمين للعملاء بتكلفة معقولة
  • تنوع المنتجات التأمينية
  • توفير حماية فعالة للمستهلك (العميل)

المرحلة الرابعة: تقييم جدوى التحول الرقمي للتأمين الزراعي

بمجرد تحديد المعوقات والفرص الرئيسية في سوق التأمين الزراعي، يصبح من الضروري تحديد أي من هذه القيود يمكن معالجته من خلال دمج  الأدوات الرقمية.

ومع ذلك ، يجب علينا  أن ندرك أن استخدام التكنولوجيا ليس حلاً سحرياً ، وأن منتجات التأمين والأسواق واللوائح التنظيمية يجب أن تكون مناسبة لكي تساعد الحلول الرقمية على توسيع نطاق الوصول للتأمين الزراعي .

و قد أظهرت التجارب حتى الآن في الدول النامية أن التحول الرقمي للتأمين الزراعي قد تصدى للعديد من العقبات الرئيسية في توسيع نطاق الوصول إلى الأسر الريفية والزراعية.

المرحلة الخامسة: تقييم البيئة القانونية والتنظيمية الحالية للتحول الرقمي للتأمين الزراعي

من المهم وجود بيئة قانونية و تنظيمية تمكينية لضمان أن بيع وإدارة منتجات التأمين يتم بطريقة عادلة لكل من المشترين والبائعين.

فعلى جانب المشتري ، يجب أن تكون هناك قواعد وسياسات مطبقة لحماية المستهلك و إجراءات تقديم  الشكاوى، وخصوصية البيانات وسرية العميل، وأنظمة للرجوع القانوني في حالة الاحتيال.

ومن جانب البائع ، يجب أن يسمح الإطار القانوني والتنظيمي بسوق شامل يتسع لمجموعة واسعة من مقدمي الخدمات ويجب أن يتيح الإطار مساحة لدخول جهات غير تقليدية إلى سوق التأمين ، مثل مشغلي شبكات الهاتف المحمول، مع الاستمرار في الحفاظ على استقرار ومتانة النظام المالي العام.

يمكن أن تتسبب الظواهر الجوية المتطرفة في حدوث أضرار كبيرة ومستمرة. و في هذه الحالات، هناك حاجة إلى تكوين شراكات بين القطاعين العام والخاص لمعالجة الأخطار التي يواجهها جميع الأطراف – المزارعون أصحاب الحيازات الصغيرة ، وشركات التأمين ، والحكومة.

لا يتطلب التحليل في هذه المرحلة مراجعة شاملة للبيئة التنظيمية والسياسية القائمة حالياً، لذلك يمكن للجهات المانجة والشركاء المنفذين، من خلال تفاعلهم المنتظم والتشاور مع شركات التأمين ذات الصلة وشركاء التمويل وأصحاب المصلحة الآخرين، تحديد العوائق التي تحول دون الوصول إلى التأمين وتحديد ما إذا كانت الحكومات مهتمة وملتزمة بدعم التحول الرقمي للتأمين الزراعي، والعمل على التنسيق مع أصحاب المصلحة الآخرين للتأكد من أن الإطار التنظيمي يعكس هذا الدعم.

المرحلة السادسة: تقييم وتحديد مستوى التدخل

ASSESS AND IDENTIFY INTERVENTION

لزيادة وصول المزارعين أصحاب الحيازات الصغيرة إلى التأمين الزراعي من خلال القنوات الرقمية، هناك أربع نقاط دخول محتملة للتدخلات: المزارعون أصحاب الحيازات الصغيرة (العملاء) ، ومجمعي الخدمات ، ومقدمي الخدمات ، والحكومة. يمكن تنفيذ التدخلات على مستوى واحد أو عدة مستويات ، اعتمادًا على القيود والفرص الرقمية المحددة في مراحل التحليل السابقة.

وبمجرد تحديد مستويات التدخل ، يتم ترتيبها وفقاً للمعايير التالية:

  • درجة التأثير على المجتمع المستهدف
  • التأثير على تنفيذ التدخلات الأخرى
  • توافر موارد المشروع والقدرة على تنفيذ التدخل
  • تكلفة التدخل مقابل المنفعة التي تعود على المجتمع.

 

 

 

رأي الاتحاد المصري للتأمين

تعد الزراعة أحد أهم القطاعات الاستراتيجية نظراً لكونها تتعلق بالأمن الغذائي والأمن القومي لمصر، و يساهم القطاع الزراعي في مصر بحوالي 11% من الناتج المحلي الاجمالي، و يستوعب أكثر من 25% من إجمالي القوى العاملة، فهو آلية هامة في توطين التنمية المتوازنة والاحتوائية.

ومؤخراً وإثر تداعيات جائحة فيروس كورونا المستجد، تزايدت أهمية قطاع الزراعة سواء على المستوى المحلي أو على المستوي الدولي لدوره في توفير الحاجات الأساسية للشعوب ، وتعزيز الأمن الغذائي وتحسين التغذية .

ومع ذلك فلا يزال هناك انخفاض في  وعي المزارعين بأهمية التأمين الزراعي  و الدور الذي يمكن أن يلعبه في الحفاظ على الإنتاج الزراعي و هي خطوة أساسية لزيادة تغلغل التأمين في هذا القطاع. لذا يجب أن تحرص شركات التأمين على المساهمة في سد فجوة الحماية التأمينية و تسهيل وصول خدماتها إلى المزارعين المحرومين من خدمات التأمين الزراعي ، و ذلك من خلال التحول الرقمي لخدمات التأمين القائم على المؤشرات ، و الذي يمكنه التغلب على بعض التحديات القائمة و بالتالي يساعد على تمكين العديد من صغار المزارعين من الوصول إلى خدمات التأمين لأول مرة.

التعليقات مغلقة.