ألقت جائحة كوفيد-19 بظلالها الثقيلة على معظم أشهر العام الماضي وتسببت بالكثير من القيود الصارمة،
لدرجة أن العالم دخل مرحلة أقرب إلى الجمود الكلي،
كما سارعت الاقتصادات العالمية لاتخاذ خطوات عاجلة لاستعادة الحيوية الاقتصادية،
وقادت هذه الخطوات إلى تغييرات كبيرة ودائمة في سلوكيات المستهلكين. ورغم أن تلك المساعي كانت بهدف تعزيز إيجابية الأوضاع الاقتصادية،
إلا أنها دفعت إلى نشأة أساليب جديدة للاحتيال وألقت الضوء على الحاجة الماسة لإيجاد سبل جديدة للحد من سطوة المحتالين. ومن هذا المنطلق،
كما كرسنا خبراتنا ومواردنا في عام 2020 بهدف مساعدة المؤسسات المالية وشركائنا من التجار والحكومات والمستهلكين على التأقلم مع هذه التحولات الجذرية.
كما نتوقع لهذه التغييرات في مشهد المدفوعات الرقمية أن تواصل هيمنتها على المشهد العام خلال 2021 وما بعده،
لكن الأهم أن تجربتنا جميعاً خلال العام 2020 ستكون محركاً للابتكار
وستواصل دفع الشركات إلى التعلم من أخطائها لتجنب تكرارها في العام الجديد.
ومن بعض توقعاتنا للعام الجديد:
- ستتحول العادات التي اكتسبها العملاء خلال الجائحة إلى واقع جديد يستدعي تحديث استراتيجيات مكافحة الاحتيال التي يطبقها التجار.
وفقاً لدراسة Visa المعنية بأمان المستهلكين، أفاد نحو 60% من المستهلكين الذين شملهم الاستطلاع في مصر، والإمارات والمملكة العربية السعودية والكويت،
بأنهم ماضون في استخدام المدفوعات اللاتلامسية بشكل أكبر في المتاجر بعد الجائحة،
بينما قال 50% منهم بأنهم سيختارون قنوات المدفوعات عبر الإنترنت باستخدام بطاقات المدفوعات أو المحافظ الرقمية بدلاً من الدفع النقدي.
وسيعمل هذا التحول في سلوكيات العملاء على دفع التجار نحو تعزيز الابتكار لتلبية احتياجات العملاء وتفضيلاتهم.
كما سيحصد التجار ثمار استثماراتهم في الأساليب الجديدة لاستقطاب العملاء وقنوات الدفع الجديدة مثل الإلكترونية،
وتطبيقات المدفوعات، واللاتلامسية وعبر إنترنت الأشياء (الأجهزة القابلة للارتداء؛ وفي السيارة؛ مكبرات الصوت الذكية، والأجهزة الذكية، وغيرها)
وستكون فوائدها جلية على مستوى جذب العملاء الجدد والاحتفاظ بالعملاء الحاليين وتعزيز نمو المبيعات.
ومع تحول التجار نحو المنصات الإلكترونية، تزايد نشاط المحتالين عبر الإنترنت،
وظهرت على السطح قضية في غاية الأهمية،
وهي أن تحقيق أمان المدفوعات أمر صعب نسبياًـ لاسيما وأن الخبرات التي تعزز مستويات الأمان بشكل صحيح ليست في متناول الجميع.
وبالتالي سيحتاج التجار إلى تحديث استراتيجياتهم المعنية بتجنب الاحتيال الإلكتروني لدعم العمليات التجارية عبر قنوات عديدة، وفي حال غياب الخبرات الداخلية لدى الشركات،
يتعين على التجار توطيد علاقاتهم من شركاء موثوقين ومتمرسين
في هذا المجال للوصول إلى نتائج عالية الكفاءة ومنسجمة مع أهداف أعمالهم وتحقق مصالحهم.
- عملية المصادقة القوية لمعاملات الدفع الرقمية ستساعد في تعزيز أمان المدفوعات
مع استمرار تفشي جائحة “كوفيد-19″، سيواصل ارتفاع الطلب على حلول الأمان الديناميكية،
والقادرة على مساعدة التجار في ضمان تفاعل عملائهم عبر الإنترنت بأسلوب في غاية الأمان والسلامة ويكفل تسوقهم بسهولة تامة دون أي معوقات. وكشفت دراستنا المعنية بأمان المستهلكين بأن نحو 88% من المستهلكين في مصر يجدون عمليات المصادقة التي لا يحتاجون فيها لإدخال (كلمة مرور لمرة واحدة OTP)
هي أمر أكثر سهولة بالنسبة لهم، وبالمثل فإن ثلثي المستهلكين في دولة الإمارات (بنسبة 66%) والمملكة العربية السعودية (بنسبة 70%)، 59% من المستهلكين في الكويت يفضلون عملية المصادقة اليسيرة
التي لا تطلب منهم إدخال (كلمة مرور لمرة واحدة OTP) للمعاملات القياسية والمتكررة.
- تحديث البنية التحتية لقطاع المدفوعات سيكشف عن نقاط ضعف محتملة جديدة.
يتزايد عدد البنوك المركزية وشركات التكنولوجيا المالية الساعية لإيجاد طرق جديدة آمنة لإرسال الأموال وسداد المدفوعات ومشاركة المعلومات بهدف تغيير الطرق التقليدية.
كما تدعم المدفوعات المباشرة والعملة الرقمية والخدمات المصرفية المفتوحة الابتكار الذي يلبي تطلعات المستهلكين المتمرسين في استخدام التقنيات الرقمية وستساعد في دفع عجلة التجارة الرقمية لعقود قادمة.
وفي الآونة الأخيرة، بذلت الحكومة المصرية والبنك المركزي المصري العديد من الجهود للارتقاء بجودة الخدمات المالية وتسريع المعاملات،
كما أن البنك المركزي المصري أصدر مؤخرا تعليمات لجميع البنوك بتنفيذ التحويلات البنكية في خلال ثلاث ساعات على الأكثر من تقديم طلب التحويل؛
وهو القرار الذى من المتوقع أن يكون له تأثيرا عميقا على اعتماد المجتمع على الخدمات البنكية الرقمية،
إلا أن المدفوعات التي تتميز بسرعة أكبر تفتح ثغرات أكبر للمحتالين،
كما تضع معلومات المستهلكين عرضة للمخاطر لذلك لا بد من توجيه المزيد من التركيز نحو خصوصية البيانات.
يتعين على البنوك المركزية وشركات التكنولوجيا المالية امتلاك الآليات المناسبة لرصد الأنماط غير الطبيعية التي قد تكون مؤشراً على الاحتيال.
ومن الأهمية بمكان أيضاً استخدام جميع أسس الخدمات المصرفية المفتوحة ومشاركة البيانات بمسؤولية كبيرة ووفق الأطر الأخلاقية عبر جميع المنتجات والخدمات والتقنيات.
كما سيشهد العام 2021 استمرار أحجام المدفوعات المباشرة بالنمو، وسيصعد دور العملات الرقمية لتكون أكثر حضوراً في المشهد العام، وستكون خصوصية المستهلكين والبيانات الحدث الأبرز في حوارات الأطراف المعنية،
وسيتعاون اللاعبون الرئيسيون في قطاع المدفوعات لإيجاد حلول فعالة لنقاط الضعف التي ظهرت من عمليات التحديث في البنية التحتية.
- ستعمل المؤسسات الحكومية على تطبيق إجراءات أقوى للمصادقة نظراً للخسائر التي سببتها عمليات الاحتيال في عام 2020
ارتفعت أنشطة الاحتيال عالمياً خلال المرحلة الأولى من جائحة “كوفيد-19”. وعلى سبيل المثال، في الولايات المتحدة، استهدف المحتالون المساعدات الحكومية المقدمة للمواطنين المحتاجين الذين تضرروا من الجائحة.
ومن خلال سرقة بيانات الهويات الشخصية لتقديم طلب الحصول على المساعدات،
تمكن المحتالون من سلب الأموال المخصصة للمواطنين بما ألقى ضغوطاً على تلك المخصصات وترك العديد من أفراد المجتمع المحتاجين دون أي دعم حكومي.
إذا ما أرادت المؤسسات الحكومية تجنب المزيد من الخسائر،
كما سيتعين عليها عادة النظر في عملياتها وتقنياتها المستخدمة لدعم عمليات المصادقة وأهلية الحصول على المعونة وتوزيعها.
لذلك فإن تعزيز قدرات المصادقة لتأمين وصول المعونة الحكومية إلى الشخص الصحيح سيكون أولوية في العام 2021.
وفى الشهور الأخيرة من العام الماضي صدر قانون البنوك الجديد في مصر
كما كان أحد أهدافه دمج الخدمات الرقمية بما في ذلك التوقيع الإلكتروني، وأساليب الدفع الإلكترونية،
وتحديد هوية العملاء، وفى الوقت الذي يعزز هذا القانون من مرونة القطاع البنكي المصري فإن المنفعة التي ستعود من تطبيقه تتجاوز ذلك إلى تعزيز إجراءات الحوكمة في القطاع المصرفي،
وضمان خصوصية بيانات العملاء وأمنهم الرقمي،
ويخلق منافسة عادلة بين البنوك العاملة، فضلا عن تحسين الأداء المصرفي المصري بشكل عام.
- سيواصل السعي وراء الهوية الرقمية زخمه المرتفع مدفوعاً بالتحول نحو حلول أقوى لمصادقة العملاء
سيساهم التخلي عن عمليات المصادقة
باستخدام كلمات المرور والمعلومات المعروفة في تسريع وتيرة تبني معايير أكثر قوة للمصادقة على المعاملات، على غرار فيدو،
وهي تقنية تتوفر اليوم في جميع المتصفحات الرئيسية وأجهزة الهواتف المتحركة.
وستتطور خطط وبرامج الهوية الإلكترونية التي تدعمها الحكومات والبنوك
إلى جانب أطر الموثوقية والتشريعات لتحدد أسس تفاعل مختلف الأطراف المعنية في سير معاملات المدفوعات.
وسيواصل الطلب على الحلول التي تساعد البنوك والتجار في التحقق من هوية العملاء رقمياً بالارتفاع بوتيرة أسرع بسبب الجائحة.
وسيكون الأطراف العاجزون عن إدارة عمليات التعرف على العملاء بكفاءة عالية، هدفاً رئيسياً للمحتالين.
التعليقات مغلقة.