وزيرة السياحة: النمو المتزايد للسياحة الحضرية يخلق تحديات هامة على استخدام الموارد الطبيعية والتغيرات البيئية
شاركت الدكتورة رانيا المشاط وزيرة السياحة، فى الجلسة العامة لمنتدى بلومبرج للاقتصاد الجديد Bloomberg New Economy Forum الذي عُقد خلال الفترة من ٢٠ وحتي ٢٢ نوفمبر الجاري بجمهورية الصين الشعبية.
وعُقدت هذه الجلسة تحت عنوان ” المدن: صياغة نظام عالمي جديد Cities: Forging a New World Order”.
وشارك في الجلسة كمتحدثين السيد مايك فرومان Mike Froman نائب رئيس شركة ماستركارد، والسيد هوانج كيفان Huang Qifan العمدة السابق لمقاطعة شونج كبنج الصينية، وأدار الجلسة السيد باراج خانا الرئيس التنفيذي لشركة Future Map.
وتناولت الجلسة الحديث عن أهمية تبنى الحكومات استخدام تكنولوجيا المعلومات والاتصالات لبناء مدن “ذكية” وأكثر استدامة لمواطنيها وزوارها بما يساهم فى تحسين مستوى المعيشة، وكفاءة الخدمات ويعزز من التنمية المستدامة.
ومن جانبها استهلت الدكتورة رانيا المشاط حديثها خلال الجلسة بالإعراب عن تقديرها للقائمين على هذه الجلسة لاختيارهم هذا الموضوع الهام وخاصة في ظل أهمية الحلول الرقمية وتشجيع الابتكار في إطار السياسات العامة للدول للنهوض بكافة القطاعات نظرا لما لها من تأثير كبير على كفاءة الإدارة والاستدامة، مشيرة إلى أن هناك ما يقرب من نصف سكان العالم يعيشون اليوم في المدن وفقا للمؤشرات العالمية لعام 2018، وأنه من المتوقع أن يرتفع هذا الرقم إلى 68٪ بحلول عام 2050.
وأوضحت الوزيرة أن ارتفاع معدلات التحضر أو التوجه إلى الحياة فى المدن سيكون له تأثير على البنية التحتية والأنظمة والموارد بهذه المدن، كما أن النمو المتزايد للسياحة الحضرية يخلق أيضًا تحديات هامة من حيث استخدام الموارد الطبيعية والتغيرات البيئية والأثر الاجتماعي والثقافي فى المدن، ومن هنا جاءت ضرورة تحول المدن لأن تصبح “مدن ذكية Smart Cities” ومستدامة بما يساهم فى فتح مجالات جديدة للنمو الاقتصادي والكفاءة وتوفير حياة أفضل للمواطنين.
كما تحدثت الوزيرة عن أهمية أن تنتهج حكومات الدول نهجا استباقيا تجاه النمو التكنولوجى من خلال صياغة سياسات خاصة بالتحول الرقمى وهو ما يساهم فى اتخاذ القرارات بصورة أفضل، مؤكدة على أن التحول إلى الاقتصاد الرقمي أصبح الآن أولوية وطنية لدعم الإصلاح الاقتصادي الحالي الذي شرعت فيه مصر بالفعل، ولافتة إلى أن السياحة تعتبر جزءًا لا يتجزأ من عملية التنمية الاقتصادية حيث يجب توظيفها والاستفادة منها من خلال بيئة عمل رقمية على الصعيدين الوطني والعالمي.
وأوضحت أن قطاع السياحة المصرى أصبح يعمل وفقا لمنهج علمى، وتعتمد صناعة القرار فيه الآن على وضع سياسات واجراءات استباقية لجعله أكثر صلابة وقدرة على تخطي الأزمات، وليس الاعتماد على سياسة رد الفعل.
وأشارت الدكتورة رانيا المشاط إلى أن جعل المدن “ذكية” ليس هدفا فى حد ذاته لكنه وسيلة لتحقيق الأهداف المرجوة، لافتة إلى أن المدن الذكية لا يجب أن تقتصر على التحول الرقمى فقط، إنما تستهدف استخدام التكنولوجيا وتطوير البيانات بما يساهم فى ارتقاء المجتمعات وتوفير حياة أفضل للمواطنين، وتطوير البنية التحتية وتحسين استغلال أصول الدول وإدارة المدن بصورة أفضل.
وأضافت أن مبادرات المدن الذكية يمكن أن تخلق فرصة كبيرة لتحقيق النمو الاقتصادي والتنمية، كما أنها تُمكّن المدن من الحفاظ على قدرتها التنافسية واستدامتها وسط الثورة التكنولوجية العالمية المستمرة، وتجعلها عملية وصالحة للمعيشة بصورة أكبر، لافتة إلى مشروع العاصمة الإدارية الجديدة.
وأكدت الدكتورة رانيا المشاط على أهمية التعاون والتنسيق بين كافة الأطراف ذات الصلة والشركاء من خلال نقاشات موسعة ومشاركة المواطنين لإنجاح إقامة المدن الذكية.
وأشارت إلى أن الهدف الحادى عشر من أهداف الأمم المتحدة السبعة عشر للتنمية المستدامة يهدف إلى تحقيق مدن ومجتمعات شاملة وآمنة ومرنة ومستدامة، وأن 70 % من هذه الأهداف السبعة عشر يمكن تطبيقها فى هذا الإطار، لافتة إلى أن وزارة السياحة تتبنى تطبيق هذه الأهداف فى قطاع السياحة المصرى.
وخلال الجلسة أكدت الوزيرة علي التعاون والتنسيق المستمر بين الحكومة والقطاع الخاص للنهوض بقطاع السياحة المصري، لافتة إلى ما قامت به وزارة السياحة لإنجاح برنامج الإصلاح الهيكلي لتطوير قطاع السياحة والذى أطلقته الوزارة فى نوفمبر الماضى من خلال وضع رؤية موحدة للقطاع بالتعاون مع كافة الأطراف ذات الصِّلة من حكومة وقطاع خاص.
وعن أهمية التقدم التكنولوجي والتحول الرقمى في صناعة السياحة، أشارت الوزيرة إلى أن الحلول الرقمية أصبحت ضرورة ملحة لتحقيق قطاع سياحة مستدام وتعزيز تنافسيته وجعله أكثر تطورا وحداثة، لافتة إلى أن رؤية برنامج الإصلاح الهيكلى لتطوير قطاع السياحة ترتكز على تحقيق تنمية سياحية مستدامة من خلال صياغة وتنفيذ إصلاحات هيكلية تهدف الي رفع القدرة التنافسية لقطاع السياحة المصري وتتماشى مع الاتجاهات العالمية.
وأوضحت أن التكنولوجيا هي أداة لتحسين موارد البنية التحتية من خلال تطبيق بنية تحتية رقمية حديثة تجذب الشركات والوظائف والمواهب؛ وأكثر استدامة خاصة عندما تعمل بالطاقة النظيفة والمتجددة.
وتحدثت الوزيرة عن سعي وزارة السياحة لمواكبة التقدم التكنولوجي والتحول الرقمى وهو ما يتضمنه محور مواكبة الاتجاهات العالمية الحديثة الذي يعد أحد المحاور الرئيسية ببرنامج الإصلاح الهيكلي لتطوير قطاع السياحة والذي يرتكز على الاتجاهات الحديثة والاستعانة بالتكنولوجيا في مجال السياحة، والترويج لمصر كمقصد يهتم بالبيئة والتنمية المستدامة، وتشجيع الابتكار والحلول الرقمية.
وأشارت إلى أهمية التكنولوجيا في المساهمة في توفير قواعد بيانات عن اتجاهات السفر مما يُمَكن الحكومات المختلفة من التعرف على كيفية تفكير السائح في المقصد السياحى وتطلعاته وتوقعاته أثناء رحلته.
وأضافت الوزيرة أن محور الترويج والتنشيط ببرنامج الإصلاح الهيكلى يرتكز على عدة محاور من بينها الترويج لكل مدينة أو محافظة أو منطقة جذب سياحى على حدةBranding By destination ، لتسليط الضوء على التنوع الذي يتمتع به الشعب المصري، وتعريف السائح بالمناطق السياحية المختلفة لإبراز ميزاتها التنافسية وخصائصها، والعمل على تنمية المجتمعات المحلية المحيطة بهذه الأماكن السياحية People and Places.
وأوضحت أن إقامة “مدن ذكية” يساهم فى إحداث تأثير إيجابي على حياة المواطنين وتجارب الزوار من خلال جعل المدن ميسرة وأكثر ملاءمة للمعايشة والإدارة والاستدامة، كما أن تزايد شعبية المدن كوجهات سياحية يستفيد منها كل من السائحين الذين يعيشون تجربة جديدة متنوعة بهذه المدن، وتستفيد أيضا المدن حيث تساهم السياحة المحلية والدولية بشكل كبير في التنمية الاجتماعية والاقتصادية لها، وتعزز من الحفاظ على ثقافتها وهويتها، مؤكدة على أهمية توحيد جهودنا المشتركة وتعزيز التعاون الدولي لبناء السياحة الحضرية والمستدامة وجعل المدن للجميع من مواطنين وزوار.
وتحدثت عن أهمية إشراك المجتمعات المحلية ومشاركتها فى السياحة، إلى جانب تنفيذ توصيات منظمة السياحة العالمية بشأن جعل السياحة ميسرة للجميع، مشيرة إلى أن مصر بدأت الاهتمام بمفهوم السياحة الميسرة” أو “السياحة من أجل الجميع ” حيث قامت بتنظيم منتدى للسياحة الميسرة في المنطقة العربية فى يونيو الماضى بالتعاون مع جامعة الدول العربية وبالتنسيق والتعاون مع المنظمة العربية للسياحة، والأكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا والنقل البحري، ومنظمة العمل الدولية ILO والذى ناقش العديد من الموضوعات الهامة كمفهوم السياحة الميسرة من حيث الرؤية والاستدامة، وتطبيقات وتأهيل المنشآت لاستخدامات السياحة الميسرة، وتنمية وتطوير السياحة الميسرة في الوطن العربي.
وأضافت الوزيرة أن تحول ” المدن الذكية” يعطى فرصة للأشخاص الذين يعيشون فى هذه المدن للتعبير عن آرائهم، كما أنه يساهم فى الاستجابة بشكل أكثر فعالية وحيوية لاحتياجات ورغبات السكان.
وأشارت إلى مبادئ مدونة أخلاقيات السياحة العالمية الصادرة عن منظمة السياحة العالمية والتى تهدف إلى تعظيم الاستفادة من القطاع إلى الحد الأقصى مع تقليل تأثيره السلبي المحتمل على البيئة والتراث الثقافي والمجتمعات في جميع أنحاء العالم.
التعليقات مغلقة.